و منها : ان التمسك باطلاق المادة مرهون جدا
, فلان العلم باشتمال المادة على مصلحة تامة لازمة الاستيفاء يتوقف اثباتا و كشفا
على ورود امر من الشارع , و مع سقوط الامر حال النسيان كما هو مبنى القائل و القوم
كلهم , من اين حصل العلم باشتمالها على المصلحة التامة , نعم قد يقطع بقيام
المصلحة بالمادة الخالية من الامر بجهات اخر لكنه خارج عن المقام .
اذا عرفت ذلك فنقول : فهل الاصل العقلى عند
ترك الجزء نسيانا هو البرائة و الاكتفاء بالناقص , او الاشتغال و لزوم الاعادة
فنقول : لا اشكال في عدم تنجيز الجزء المنسى في حال النسيان , و انما الاشكال في
ما عدا الجزء المنسي و انه هل يصح تكليفه بالاتيان بالباقي اولا , اختار الشيخ
الاعظم الثانى قائلا : بان ما كان جزءا حال العمد يكون جزءا حال الغفلة و النسيان
لامتناع اختصاص الغافل و الساهي بالخطاب بالنسبة الى المركب الناقص , لان الخطاب
انما يكون للانبعاث و يمتنع انبعاث الغافل لانه يتوقف على توجيهه بالخطاب بعنوانه
, و معه يخرج عن كونه غافلا فخطابه لغو , فالاصل العقلى هو لزوم الاحتياط .
قلت : و قد اجاب القوم عن الاشكال بوجوه لا
بأس بالاشارة اليها مع بيان ما هو المختار من الجواب عندنا فنقول :
احدها : ما ذكر سيدنا الاستاذ دام ظله سابقا
: و هو مبنى على مسلك القوم من ان النسيان مانع عن فعلية التكليف بالجزء المنسى ,
و المختار عندنا غيره و انه كالعجز و الجهل مانع عن التنجيز لا عن الفعلية ان
جريان البرائة لا يتوقف على اختصاص الناسى و الساهى بالخطاب بل يكفي في ذلك
الخطابات العامة القانونية من قوله تعالى :اقم الصلاة لدلوك الشمس الى غسق الليل, و الخطابات الواردة على العناوين
العامة من قوله تعالىيا ايها الذين آمنوا ,, او
يا ايها الناس افعلوا كذا و كذا , ضرورة ان الغرض من الخطاب هو بعث المكلف نحو
العمل و هذه الخطابات كافية في البعث نحو العمل غير ان العالم و العامد يبعث منه
الى المركب التام , و الساهى