كونه طريقا عقلائيا مع عدم حصول
العلم منه واضح الفساد , اذ لم يثبت لنا من العقلاء التمسك به و لو عند احتمال كون
الانفهام مستندا الى قرينة عامة بين اهل التخاطب , كما ان اصالة عدم القرينة انما
يحتج به العقلاء لاثبات المراد بعد العلم بالحقيقة و المجاز لا على تعيين واحد منهما
بعد العلم بالمراد .
و
من تلك العلائم صحة الحمل و السلب
و الظاهر ان المراد بهما صحتهما عند نفسه لا
عند غيره اذ الثانى يرجع الى تنصيص اهل اللغة و اللسان , لان العلم حينئذ بصحة
الحمل و كونه حملا اوليا او شايعا بالذات , لا يحصل الا بتصريح الغير فيرجع الى تنصيصهم
- و اما صحته عند نفسه فالتحقيق ان الاستكشاف و استعلام الحال حاصل من التبادر
الحاصل من تصور الموضوع , السابق على الحمل و سلبه , فيكون اسناده الى الحمل او
سلبه فى غير محله .
توضيح ذلك : ان الحاكم المستعلم بحمله لابد
ان يتصور الموضوع اولا بماله من المعنى الارتكازى حتى يجده متحدا مع المعنى
المشكوك فيه فى مفهومه , ثم يحمل المحمول المتصور على الموضوع المعلوم حملا اوليا
و لو لا ذلك لما كان لحكمه وزن و لا قيمة , و عندئذ اذا وجده فى عالم التصور متحدا
معه قبل حمله فقد علم بوضع اللفظ للمعنى , و لم يبق لتاثير صحة الحمل فى رفع الستر
مجال .
و اما الحمل الشايع فلا يكون علامة الا اذا
كان شايعا ذاتيا لكونه كاشفا عن المصداق الحقيقى كما فى قولنا البياض ابيض , لا
عرضيا و حينئذ ان كان المستعلم مرددا فى كون الحمل ذاتيا او عرضيا لم يمكن له
استكشاف الوضع من مجرد الحمل , و ان كان عالما بكونه حملا ذاتيا , و انه من قبيل
حمل الكلى على بعض مصاديقة الحقيقية , فقد علم المعنى قبل الحمل , اذ العلم لكونه
مصداقا حقيقيا ذاتيا مستلزم للعلم بكونه موضوعا للطبيعة المطلقة , و القول بان
التبادر مغفول عنه غير مسموع ,