بالاصول العقلية قبل الفحص عن الادلة
الاجتهادية و ملاك لزوم الفحص فى الجميع واحد كما سيتضح لك .
اذا عرفت هذه الامور : فنقول : الحق فى
اثبات لزوم الفحص ما سلكه المحقق الخراسانى من ان معرضية العام للتخصيص يوجب سقوط
الاحتجاج به عندهم , و لا اقل من الشك فى ذلك و هو كاف فى الثبوت انتهى .
توضيحه : انك اذا تدبرت فى المحاورات
العقلائية و الخطابات الدائرة بينهم , تجد ان ديدنهم فى المحاورات الشخصية بين
الموالى و العبيد و غيرهم من آحاد الناس , تختلف مع وضع القوانين و تشريع الشرايع
من عند انفسهم , فتجد - هم يعملون بالعمومات و المطلقات و الصادرة منهم فى محيط
المحاورات بلا ترقب منهم لمخصصها و مقيدها و لا انتظار لمخالفتها بل يأخذون
بالظاهر عاما كان او مطلقا او غيره .
و السر فى ذلك هو جريان العادة فى تلك
الخطابات بذكر مخصصها بعد عمومها و مقيدها عقيب مطلقها بلا تفكيك منهم بينهما ,
بحيث لو لم يجدوها فى متصل كلامه لاحتجوا بظواهرها و عمومها و مطلقها , و لكن
تجدديد نهم فى وضع القوانين مدنيا كانت او عالميا على خلاف ذلك فتراهم واقفين امام
كل عام و مطلق باذلين جهدهم فى التفتيش عما يصر فهما عن ظاهر هما و السر هنا هو
قضاء العادة خلاف ما كان يجرى فى المحاورات الشخصية بل ديدنهم جرى فى وضع القوانين
على التفكيك بين العام و مخصصه و المطلق و مقيده , فتراهم يذكرون العمومات و
المطلقات فى فصل و مادة , و مخصصاتها و مقيداتها و حدودها , تدريجا و نجوما فى
فصول اخر , و ربما يذكر الخصوص فى كتاب و عمومه فى كتاب آخر , و قد يتقدم الخاص
على العام الى غير ذلك من رسموهم و عاداتهم , التى يقف عليها المتضلع فى الحقوق .
هذا ديدن العقلاء , و اما الشارع الصادع
بالحق , فلم يسلك غير ما سلكه العقلاء فى وضع قوانينهم , فترى ان قوانينه الكلية
مذكورة فى الكتاب و السنة