اقول : هذه المقدمة سيقت لبيان محط البحث و
لا اشكال فيها من هذه الجهة الا ان رمى الشيخ الاعظم قدس سره بالترتب من الجانبين
و استظهار ذلك من عبارته من الغرائب جدا نشأ ذلك من قلة التأمل فى عبارته و اليك
نص عبارته قال قدس سره بعد ايراد شبهة فى وجوب الاخذ باحد المتعارضين بناء على
السببية : (( ان الحكم بوجوب الاخذ باحد المتعارضين فى الجملة و عدم تساقطهما ليس
لاجل شمول اللفظ لاحدهما على البدل من حيث هذا المفهوم المنتزع , لان ذلك غير ممكن
كما تقدم وجهه فى بيان الشبهة لكن لما كان امتثال التكليف بكل منهما كسائر
التكاليف الشرعية و العرفية مشروطا بالقدرة , و المفروض ان كلا منهما مقدور فى حال
ترك الاخر و غير مقدور مع ايجاد الاخر فكل منهما مع ترك الاخر مقدور يحرم تركه و
يتعين فعله و مع ايجاد الاخر يجوز تركه و لا يعاقب عليه , فوجوب الاخذ باحدهما
نتيجة ادلة وجوب الامتثال , و العمل بكل منهما بعد تقييد وجوب الامتثال بالقدرة و
هذا مما يحكم به بديهة العقل )) انتهى .
و انت خبير بانه اجنبى عن الترتب فضلا عن
الترتبين اللذين يحكم العقل بامتناعهما للزوم تقدم الشىء على نفسه , اذ الترتب
باعتبار انه عبارة عن تقييد امر المهم بعصيان الاهم , تقييد فى مقام التكليف و
علاج فى مقام الامر و لكن التقييد بعدم الاتيان , علاج فى مقام الامتثال و الاطاعة
, بمعنى حكم العقل بصرف القدرة فى واحد منهما على القول بالسببية و هو تصرف فى
مقام الامتثال بلا تصرف فى نفس الادلة , كما عرفت تفصيله منا و التقييد فى هذا
المقام لحكم عقلى ليس للشارع تصرف فيه و تعبد بالنسبة اليه و اين هذا من الترتب
المتقوم باشتراط التكليف بعصيان الاخر فى مقام الجعل .
اضف الى ذلك انا سلمنا كون كلامه ناظرا الى
التصرف فى نفس الادلة , الا ان الترتب متقوم باشتراط التكليف بعصيان الاخر و ما
ذكره الشيخ الاعظم متقوم بتقييد كل واحد من الدليلين بعدم اتيان الاخر و كم فرق
بينهما لان الاول