و اما ما فى تقريرات بعض محققى العصر ( رحمه
الله ) من قياس مقدمات الحرام بالواجب بتقريب ان مقوم الحرمة هو مبغوضية الوجود
كما ان مقوم الوجوب محبوبيته و مقتضاه , سراية البغض الى علة الفعل المبغوض فيكون
كل جزء من اجزاع العلة التوأم مع وجود سائر الاجزاء بنحو القضية الحينية , مبغوضا
بالبغض التبعى و حراما بالحرمة الغيرية , فلا يخلو عن موارد للنظر .
اما اولا : فلان المبغوضية لا يمكن ان تكون
مقومة للحرمة و لا المحبوبية للوجوب لانهما فى الرتبة السابقة على الارادة
المتقدمة على البعث و الزجر المنتزع منها الوجوب و الحرمة , اللهم الا ان يراد من
المقومية ان الحب و البغض من مبادى الوجوب و الحرمة .
و ثانيا : فان مبغوضية الفعل لا يمكن ان
تكون منشأ لمبغوضية جميع المقدمات لعدم المناط فيها على نحو العام الاستغراقى لان
البغض من شى لا يسرى الا الى ما هو محقق وجوده و ناقض عدمه , و غير الجزء الاخير
من العلة او مجموع الاجزاء فى غير المترتبات لا ينقض العدم .
فان قلت : فليكن الامر فى مقدمة الواجب كذلك
فيقال ان الحب لا يسرى الا الى ما هو محقق لوجود المحبوب , و طارد لعدمه و هو ليس
الا الجزء الاخير من العلة او مجموع الاجزاء , فى العرضيات , ولا معنى لوجوب سوى
الجزء الاخير من اجزاء علل الواجب فى الطوليات .
قلت : فرق واضح بين مقدمة الواجب و الحرام
فان الواجب لما كان المطلوب تحققه , و هو موقوف على جميع المقدمات بحيث يكون كل
واحد دخيلا فيه , فلا محالة على الملازمة تتعلق الارادة بكل واحد منها بما هو موصل
, بخلاف الحرام الذى يكون الوجود مبغوضا و مزجورا عنه فان عدمه بعدم احد مقدماته ,
فتعلق ارادة الزجر بغيره يكون بلا ملاك .
و ثالثا ان ما افاده بقوله ان الجزء التوأم
مع ساير الاجزاء مبغوض , من ضم ما ليس بدخيل الى ما هو دخيل فان المجموع بما هو
مجموع و ان كان مبغوضا لانه