انكان مستحقا لاجل النفسى فهو لم يأت
بمتعلقه فكيف يستحق اجر مالم يفعله فهو كمن تحمل المشاق و استفرغ الوسع فى رد
الضالة و لم يتمكن عنه فرجع ايسا فهل تجد من نفسك جواز القول باستحقاقه الاجر الذى
عين لردها او اجرة المثل اذا امر بالرد بلا تعين الاجرة .
فان قلت : اذا فرضنا شخصين ادركهما الاجل
لدى الزوال , و كان احدهما متطهرا و ممهدا جميع المقدمات التى تحتاج اليها الصلاة
دون الاخر فانا نجدبين الرجلين فرقا واضحا كما نجده بين من احرم للحج مما يقرب من
مكة و من احرم و توجه نحو الكعبة من اقاصى البلاد فهل هما سيان فى المثوبة مع قلة
المشقة فى احدهما و كثرتها فى الاخر .
قلت ان ذلك خلط بين استحقاق العبد و
ممدوحيته بمعنى ادراك العقل صفاء نفسه و كونه بصدد اطاعة امره و انه ذو ملكة فاضلة
و سريرة حسنة ضرورة ان التهيؤ باتيان المبادى مع عدم حصول ذيها , لا يوجب الا كونه
ممدوحا لا مستحقا بمعنى كون تركه ظلما و جورا .
و اما الفرق بين الاحرامين فواضح لا يمكن
انكاره الا ان زيادة المثوبة ليست لاجل المقدمات بل الثواب كله على نفس العمل لكن
كثرة المشقة و قلتها جهات تعليمية لاتصاف العمل يترتب كثرة الثواب عليه و عدمه , و
بالجملة اجر نفس العمل بحسب المقدمات مختلف لا بمعنى التقسيط عليها بل يكون
التفاوت بلحاظها نعم لو لم يأت بنفس الحج مع تحمل المشاق لا يستحق اجرا بل يستحق
مدحا .
فان قلت : ان هنا وجها آخر لتصحيح الاجر و
هو ان الاتى بالمقدمة بقصد التوصل الى ذيها , مشتغل بامتثال الواجب النفسى و مستحق
للمدح و الثواب و هما من رشحات الثواب الذى عين للواجب النفسى .
قلت : ان ذلك توسع فى الاطلاق و الا فالشروع
فى الواجب النفسى ليس الا بالشروع فيه دون مقدماته , ثم ان الشروع فى الواجب لا
يوجب ثوابا و لا يوجب