رابعا , من دعوى كونه كاشفا عقلائيا عن
الارادة الحتمية , و القدر المسلم كونه كاشفا عن ارادة الامر فى الجملة لا عن
الارادة الحتمية , اذ الكشف من غير ملاك غير معقول , و ما يتصور هنا من الملاك هى
كثرة الاستعمال فى ما ادعوه بحيث يندك الطرف الاخر لديه و يحسب من النوادر التى لا
يعتنى به العقلاء , الا ان وجدانك شاهد صدق على ان الاستعمال فى خلاف الوجوب لا
يقصر عنه , لو لم يكن اكثر .
و اما القول بكون الوجوب مقتضى مقدمات
الحكمة فقد قربه و قواه بعض محققى العصر . ( رحمه الله ) على ما فى تقريراته بوجهين :
احدهما : ما افاده فى مادة الامر , ان الطلب
الوجوبى هو الطلب التام الذى لاحد له من جهة النقص و الضعف بخلاف الاستحبابى فانه
مرتبة من الطلب محدودة بحد النقص و الضعف ولا ريب فى ان الوجود غير المحدود لا
يفتقر فى بيانه الى اكثر مما يدل عليه بخلاف المحدود فانه يفتقر بعد بيان اصله الى
بيان حدوده , و عليه يلزم حمل الكلام الذى يدل على الطلب بلا ذكر حد له , على
المرتبة التامة و هو الوجوب كما هو الشأن فى كل مطلق .
و قرره فى المقام بتعبير واضح من ان مقدمات
الحكمة كما تجرى لتشخيص مفهوم الكلام سعة و ضيقا كذلك يمكن ان تجرى لتشخيص احد
مصداقى المفهوم كما لو كان لمفهوم الكلام فردان فى الخارج و كان احدهما يستدعى
مؤنة فى البيان اكثر من الاخر كالارادة الوجوبية و النديبة , فان الاولى تفترق عن
الثانية بالشدة فيكون ما به الامتياز فيه غير ما به الاشتراك , و اما الثانية
فتفترق عن الاولى بالضعف , فما به الامتياز فيه غير ما به الاشتراك , فالارادة
الندبية تحتاج الى دالين بخلاف الوجوبية انتهى ملخصا .
و فيه نظرات و تاملات .
منها : ان المقدمات المعروفة لو جرت فيما
نحن فيه لا تثبت الانفس الطلب الذى هو القدر المشترك بين الفردين (( توضيحه )) :
انه قد مر فى بحث الوضع ان اللفظ لا يحكى الاعما وضع بازائه دون غيره , من اللوازم
و المقارنات , و المفروض ان