فالفارق بين مدلولى الكلمتين فى نوع
اللحاظ مع وحدة ذات المعنى الملحوظ فيهما معا ، إلا ان هذا لا يعنى إن اللحاظ
الاستقلالى أو الالى مقوم للمعنى الموضوع له أو المستعمل فيه وقيد فيه ، لان ذلك
يجعل المعنى أمرا ذهنيا غير قابل للانطباق على الخارج ، وانما يؤخذ نحو اللحاظ
قيدا لنفس العلقة الوضعية المجعولة للواضع ، فاستعمال الحرف فى الابتداء حالة
اللحاظ الاستقلالى ، استعمال فى معنى بلا وضع ، لأن وضعه له مقيد بغير هذه الحالة
، لا استعمال فى غير ما وضع له.
والاتجاه الثانى : ما ذهب اليه مشهور
المحققيين بعد صاحب الكفاية ، من أن المعنى الحرفى والمعنى الاسمى متباينان ذاتا ،
وليس الفرق بينهما باختلاف كيفية اللحاظ فقط ، بل ان الاختلاف فى كيفية اللحاظ
ناتج عن الاختلاف الذاتى بين المعنيين ، على ما سيأتى توضيحه ان شاء الله تعالى.
أما الاتجاه الأول ، فيرد عليه أن
البرهان قائم على التغاير السنخى والذاتى بين معانى الحروف ومعانى الاسماء ،
وملخصه أنه لا اشكال فى أن الصورة الذهنية التى تدل عليها جملة « سار زيد من
البصرة الى الكوفة » مترابطة ، بمعنى أنها تشتمل على معان مرتبطة بعضها ببعض ،
فلابد من افتراض معان رابطة فيها لايجاد الربط بين « السير » و « زيد » و « البصرة
» و « الكوفة ».
وهذه المعانى الرابطة ان كانت صفة الربط
عرضية لها وطارئة ، فلابد أن تكون هذه الصفة مستمدة من غيرها ، لان كل ما بالغرض
ينتهى الى ما بالذات ، وبهذا ننتهى الى معان يكون الربط ذاتيا لها ،