كما يكون القطع
التفصيلى حجة ، كذلك القطع الاجمالى ، وهو ما يسمى عادة بالعلم الاجمالى ، كما اذا
علم إجمالا بوجوب الظهر أو الجمعة ، ومنجزية هذا العلم الاجمالى لها مرحلتان :
الأولى مرحلة
المنع عن المخالفة القطيعة بترك كلتا الصلاتين فى المثال المذكور.
والثانية مرحلة
المنع حتى عن المخالفة الاحتمالية المساوق لايجاب الموافقة القطعية ، وذلك بالجمع
بين الصلاتين.
أما المرحلة
الاولى فالكلام فيها يقع فى أمرين :
أحدهما : فى حجية
العلم الاجمالى بمقدار المنع عن المخالفة القطعية.
والاخر : فى إمكان
رجع الشارع عن ذلك وعدمه.
أما الأمر الأول
فلا شك فى ان العلم الاجمالى حجة بذلك المقدار ، لأنه مهما تصورناه فهو مشتمل حتما
على علم تفصيلى بالجامع بين التكليفين ، فيكون مدخلا لهذا الجامع فى دائرة حق
الطاعة ، أما على رأينا فى سعة هذا الدائرة ، فواضح. وأما على مسلك قاعدة قبح
العقاب بلا بيان ، فلأن العلم الاجمالى يستبطن انكشافا تفصيليا تاما للجامع بين
التكليفين ، فيخرج هذا الجامع عن دائرة قاعدة قبح العقاب بلا بيان.
وأما الأمر الثانى
فقد ذكر المشهور ان الترخيص الشرعى فى المخالفة القطعية للعلم الاجمالى غير معقول ،
لأنها معصية قبيحة بحكم العقل ، فالترخيص فيها يناقض حكم العقل ، ويكون ترخيصا فى
القبيح وهو محال.