وأما الأمر الثالث فهو فى جريان الاصول
الشرعية المؤمنة فى بعض اطراف العلم الاجمالى ، والكلام عن ذلك يقع فى مقامين
ثبوتى واثباتى :
أما الثبوتى فنبحث فيه عن إمكان جريان
الاصول المؤمنة فى بعض الاطراف ثبوتا وعدمه ، ومن الواضح انه على مسلكنا القائل
بامكان جريان الاصول فى جميع الاطراف ، لا مجال لهذا البحث ، إذ لا معنى لافتراض
محذور ثبوتى فى جريانها فى بعض الاطراف.
وأما على مسلك القائلين باستحالة جريان
الاصول فى جميع الاطراف ، فكذلك ينبغى أن نستثنى من هذا البحث القائلين بأن العلم
الاجمالى لا يستدعى وجوب الموافقة القطعية مباشرة ، فانه على قولهم هذا لا ينبغى
أن يتوهم إمتناع جريان الأصل المؤمن فى بعض الاطراف ، إذ يكون مع الواضح عدم
منافاته للعلم الاجمالى.
وأما القائلون بأن العلم الاجمالى
يستدعى بذاته وجوب الموافقة القطعية ، فيصح البحث على اساس قولهم ، لأن جريان
الاصل المؤمن فى بعض الاطراف يرخص فى ترك الموافقة القطعية ، فلابد من النظر فى
إمكان ذلك وامتناعه.
ومرد البحث فى ذلك الى النزاع فى أن العلم الاجمالى هل يستدعى عقلا وجوب الموافقة
القطعية إستدعاء منجزا على نحو استدعاء العلة لملعولها ، أو استدعاء معلقا على عدم
ورود الترخيص الشرعى على نحو استدعاء المقتضى لما يقتضيه ، فان فعليته منوطة بعدم
وجود المانع.
فعلى الأول يستحيل إجراء الأصل المؤمن فى بعض