لا يحرك إلا نحو
متعلقه ، فلو كان نفس القصد المذكور داخلا فى المتعلق ، لأدى الى ان الأمر يحرك
نحو نفس هذه المحركية ، وهذا مستحيل.
وببيان آخر ان المكلف لا يمكنه أن يقصد
امتثال الأمرإلا بالاتيان بما تعلق به ذلك الأمر ، فان كان القصد المذكور دخيلا فى
المتعلق ، فهذا يعنى ان الأمر لم يتعلق بذات الفعل ، فلا يمكن للمكلف أن يقصد
الامتثال بذات الفعل.
وان شئت قلت ان قصد امتثال الأمر بفعل
يتوقف على ان يكون مصداقا لمتعلق الأمر ، وكونه كذلك على فرض أخذ القصد فى المتعلق
يتوقف على انضمام القصد المذكور اليه ، وهذا يؤدى الى توقف الشىء على نفسه ،
واستحالة الامتثال.
وقد اجيب على ذلك : بأن القصدإذا كان
داخلا فى المتعلق انحل الأمر الى أمرين ضمنيين ، لكل منهما محركية نحو متعلقه ،
أحدهما الأمر بذات الفعل ، والاخر الأمر بقصد امتثال الأمر الأول وجعله محركا.
فيندفع البيان الأول فى البرهان المذكور بأن الأمر الثانى يحرك نحو محركية الأمر
الأول ، لا نحو محركية نفسه. ويندفع البيان الثانى بأن ذات الفعل متعلق للأمر وهو
الأمر الضمنى الأول.
الثالث : ان قصد امتثال الأمرإذا أخذ فى
متعلق الأمر كان نفس الأمر قيدا من قيود الواجب. وحيث انه قيد غير اختيارى ، فلابد
من أخذه قيدا فى موضوع الوجوب. وهذا يعنى أخذ الأمر فى موضوع نفسه ، وهو محال. وقد
مر بنا هذا البرهان فى الحلقة السابقة [١].