عرفنا ان الأمر بشىء ، مقيد عقلا بعدم
الاشتغال بضده الذى لا يقل عنه أهمية ، وانتهينا من ذلك إلى أن وقوع التضاد بين
واجبين بسبب عجز المكلف عن الجمع بينهما ، لا يؤدى الى التعارض بين دليليهما.
والان نتساءل ماذا نريد بهذا التضاد؟
والجواب : اننا نريد بذلك حالات عدم
امكان الاجتماع الناشئة من ضيق قدره المكلف ، ولكن لا ينطبق هذا على كل ضد فهو :
أولا لا ينطبق على الضد العام ، أى
النقيض ، وذلك لأن الأمر بأحد النقيضين يستحيل أن يكون مقيدا بعدم الاشتغال بنقيضه
، لأن فرض عدم الاشتغال بالنقيض يساوق ثبوت نقيضه ، ويكون الأمر به حينئذ تحصيلا
للحاصل ، وهو محال.
ومن هنا نعرف ان النقيضين لا يعقل جعل
أمر بكل منهما لا مطلقا ، ولا مقيدا بعدم الاشتغال بالاخر. أما الأول فلأنه تكليف
بالجمع بين نقيضين. وأما الثانى فلأنه تحصيل للحاصل. وهذا يعنى أنه اذا دل دليل
على وجوب فعل ، ودل دليل آخر على وجوب تركه أو حرمة فعله ، كان الدليلان متعارضين
، لأن التنافى بين الجعلين ذاتيهما.
وثانيا لا ينطبق على الضد الخاص فى حالة
الضدين الذين لا ثالث لهما ، لنفس السبب السابق ، حيث ان عدم الاشتغال بأحدهما
يساوق وجود الاخر حينئذ ، والحال هنا كالحال فى النقيضين.
وعلى هذا فعجز المكلف عن الجمع بين
واجبين انما يحقق التزاحم لا التعارض فيماإذا لم يكونا من قبيل النقيضين ، أو
الضدين اللذين