وقد لاحظ
الاصوليّون بحقٍّ أنّ الاستعمال المجازيّ وإن كان يحتاج إلى قرينةٍ في بداية الأمر
، ولكن إذا كثر استعمال اللفظ في المعنى المجازيّ بقرينةٍ وتكرّر ذلك بكثرةٍ قامت
بين اللفظ والمعنى المجازيّ علاقة جديدة ، وأصبح اللفظ نتيجةً لذلك موضوعاً لذلك
المعنى ، وخرج عن المجاز إلى الحقيقة ، ولا تبقى بعد ذلك حاجة إلى قرينة ، وتسمّى
هذه الحالة بالوضع التعيّني. بينما تسمّى عملية الوضع المتصوّر من الواضع بالوضع
التعييني. وهذه الظاهرة يمكننا تفسيرها بسهولةٍ على ضوء طريقتنا في شرح حقيقة
الوضع والعلاقة اللغوية ؛ لأنّنا عرفنا أنّ العلاقة اللغوية تنشأ من اقتران اللفظ
بالمعنى مراراً عديدة ، أو في ظرفٍ مؤثّر ، فإذا استعمل اللفظ في معنىً مجازيٍّ
مراراً كثيرةً اقترن تصوّر اللفظ بتصوّر ذلك المعنى المجازيِّ في ذهن السامع
اقتراناً متكرّراً ، وأدّى هذا الاقتران المتكرِّر إلى قيام العلاقة اللغوية
بينهما.
تصنيف اللغة إلى معانٍ اسميّةٍ وحرفيّة :
تنقسم كلمات اللغة
ـ كما قرأتم في النحو ـ إلى اسمٍ وفعلٍ وحرف.
فالأسماء تدلّ على
معانٍ نفهمها من تلك الأسماء ، سواء سمعنا الاسم مجرّداً أو في ضمن كلام.
وأمّا الحرف فلا
يتحصّل له معنىً إلاّإذا سمعناه ضمن كلام. ومدلول الحرف دائماً هو الربط بين
المعاني الاسمية على اختلاف أنحائه ، ففي قولنا : « النار في الموقد تشتعل » تدلّ
« في » على ربطٍ مخصوصٍ بين