إذا قام دليل محرز على حكم فلا شك فى
أنه لا تجرى الاصول العملية المخالفة له ، وهذا واضح إذا كان الدليل المحرز قطعيا ،
إذ يكون حينئذ واردا ، لان الاصول العملية أخذ فى موضوع دليلها الشك وهو ينتفى
حقيقة بورود الدليل المحرز القطعى ، وأماإذا كان الدليل المحرز أمارة ظنية كخبر
الثقة فيتقدم أيضا بدون شك ، وإنما البحث فى تكييف هذا التقديم وتفسيره ، إذ قد
يستشكل فيه بأن الامارة لما كانت ظنية فهى لا تنفى الشك حقيقة ، وعلى هذا فموضوع
دليل الاصل وهو الشك محقق ، فما الموجب لطرح دليل الاصل والاخذ بالامارة؟ ولماذا
لا نفترض التعارض بين دليل الاصل ودليل حجية تلك الامارة ، فلا نعمل بأى واحد
منهما؟.
وهناك محاولات لدفع هذا الاستشكال وتبرير
تقديم الامارة على الاصل نذكر منها محاولتين :
إحداهما : أن دليل الاصل وإن اخذ فى
موضوعه عدم العلم ، لكن العلم هنا لوحظ كمثال والمقصود عدم الدليل الذى تقوم به
الحجة فى