الثلاث. وكذلك
يوجد عنصر مشترك آخر ، وهو حجّية خبر الثقة. وهكذا نستنتج أنّ عمليات الاستنباط
تشتمل على عناصر مشتركة ، كما تشتمل على عناصر خاصّة. ونعني بالعناصر الخاصّة :
تلك العناصر التي تتغيّر من مسألةٍ إلى اخرى ، فرواية يعقوب بن شعيب عنصر خاصّ في
عملية استنباط حرمة الارتماس ؛ لأنّها لم تدخل في عمليات الاستنباطالاخرى ، بل
دخلت بدلاً عنها عناصر خاصّة اخرى ، كرواية علي بن مهزيار ورواية زرارة. ونعني
بالعناصر المشتركة : القواعد العامّة التي تدخل في عمليات استنباط أحكامٍ عديدةٍ
في أبوابٍ مختلفة.
وفي علم الاصول
تدرس العناصر المشتركة ، وفي علم الفقه تدرس العناصر الخاصّة في كلّ مسألة.
وهكذا يترك للفقيه
في كلّ مسألةٍ أن يفحص بدقّةٍ الروايات والمدارك الخاصّة التي ترتبط بتلك المسألة
، ويدرس قيمة تلك الروايات ويحاول فهم ألفاظها وظهورها العرفي وأسانيدها ، بينما
يتناول الاصوليّ البحث عن حجّية الظهور وحجّية الخبر ، وهكذا.
وعلم الاصول لا
يحدّد العناصر المشتركة فحسب ، بل يحدّد أيضاً درجات استعمالها والعلاقة بينها ،
كما سنرى في البحوث المقبلة إن شاء الله تعالى.
موضوع علم الاصول :
لكلّ علمٍ ـ عادةً
ـ موضوع أساسيّ ترتكز جميع بحوثه عليه وتدور حوله ، وتستهدف الكشف عمّا يرتبط بذلك
الموضوع من خصائص وحالاتٍ وقوانين ، فالفيزياءُ ـ مثلاً ـ موضوعها الطبيعة ، وبحوث
الفيزياء ترتبط كلّها