وهكذا كان ، فقد
انشئ علم الفقه للقيام بهذه المهمّة ، فهو يشتمل على تحديد الموقف العمليّ تجاه
الشريعة تحديداً استدلالياً ، والفقيه في علم الفقه يمارس إقامة الدليل على تعيين
الموقف العمليّ في كلّ حدثٍ من أحداث الحياة ، وهذا ما نطلق عليه اسم « عملية
استنباط الحكم الشرعي ».
ولأجل هذا يمكن
القول بأنّ علم الفقه هو : علم استنباط الأحكام الشرعية ، أو علم عملية الاستنباط
بتعبيرٍ آخر.
وتحديد الموقف
العمليّ بدليلٍ يتمّ في علم الفقه باسلوبين :
أحدهما : تحديده
بتعيين الحكم الشرعي.
والآخر : تحديد
الوظيفة العملية تجاه الحكم المشكوك بعد استحكام الشكّ وتعذّر تعيينه. والأدلّة
التي تستعمل في الاسلوب الأوّل نسمّيها بالأدلّة ، أو الأدلة المحرزة ، إذ يُحرز
بها الحكم الشرعي ، والأدلّة التي تستعمل في الاسلوب الثاني تسمّى بالأدلّة
العملية ، أو الاصول العملية.
وفي كلا الاسلوبين
يمارس الفقيه في علم الفقه استنباط الحكم الشرعي ، أي يحدِّد الموقف العمليّ تجاهه
بالدليل.
وعمليات الاستنباط
التي يشتمل عليها علم الفقه بالرغم من تعدّدها وتنوّعها تشترك في عناصر موحّدةٍ
وقواعد عامّة تدخل فيها على تعدّدها وتنوّعها ، وقد تطلّبت هذه العناصر المشتركة
في عملية الاستنباط وضع علمٍ خاصٍّ بها لدراستها وتحديدها وتهيئتها لعلم الفقه ،
فكان علم الاصول.
تعريف علم الاصول :
وعلى هذا الأساس
نرى أن يُعرَّف علم الاصول بأنّه « العلم