عرفنا سابقا أن الاحكام الشرعية تابعة
للمصالح والمفاسد والملاكات التى يقدرها المولى وفق حكمته ورعايته لعباده ، وليست
جزافا أو تشهيا.
وعليه فاذا حرم الشارع شيئا ، كالخمر
مثلا ، ولم ينص على الملاك والمناط فى تحريمه ، فقد يستنتجه العقل ويحدس به ، وفى
حالة الحدس به يحدس حينئذ بثبوت الحكم فى كل الحالات التى يشملها ذلك الملاك ، لان
الملاك بمثابة العلة لحكم الشارع وإدراك العلة يستوجب إدراك المعلول.
وأما كيف يحدس العقل بملاك الحكم ويعينه
فى صفة محددة ، فهذا ما قد يكون عن طريق الاستقراء تارة وعن طريق القياس اخرى.
والمراد بالاستقراء أن يلاحظ الفقيه
عددا كبيرا من الاحكام يجدها جميعا تشترك فى حالة واحدة ، من قبيل أن يحصى عددا
كبيرا من الحالات التى يعذر فيها الجاهل ، فيجد أن الجهل هو الصفة المشتركة بين كل
تلك المعذريات ، فيستنتج أن المناط والملاك فى المعذرية هو