غير أن هذه الاستحالة إنما تعنى عدم
إمكان أخذ العلم بالحكم المجعول قيدا له ، وأما أخذ العلم بالجعل قيدا للحكم
المجعول فلا محذور فيه بناء على ما تقدم منالتمييز بين الجعل والمجعول ، فلا يلزم
دور ولا إخراج للعلم عن دوره الكاشف البحت.
والثمرة التى قد تفترض لهذا البحث هى أن
التقييد بالعلم بالحكم إذا كان مستحيلا ، فهذا يجعل الاطلاق ضروريا ، ويثبت بذلك
أن الاحكام الشرعية مشتركة بين العالم وغيره على مبنى من يقول : بأن التقابل بين
التقييد والاطلاق الثبوتيين تقابل السلب والايجاب ، وعلى العكس تكون استحالة
التقييد موجبة لاستحالة الاطلاق على مبنى من يقول : إن التقابل بين التقييد والاطلاق
كالتقابل بين البصر والعمى ، فكما لا يصدق الاعمى حيث لا يمكن البصر ، كذلك لا
يمكن الاطلاق حيث يتعذر التقييد ، ومن هنا تكون الاحكام على هذا القول مهملة لا هى
بالمقيدة ولا هى بالمطلقة ، والمهملة فى قوة الجزئية.
أخذ العلم لحكم فى
موضوع حكم آخر :
قد يؤخذ العلم بحكم فى موضوع حكم آخر ،
والحكمان إما أن يكونا متخالفين أو متضادين أو متماثلين فهذه ثلاث حالات :
أما الحالة الاولى فلا شك فى إمكانها ،
كماإذا قال الامر : إذا علمت بوجوب الحج عليك فاكتب وصيتك ، ويكون العلم بوجوب
الحج هنا قطعا موضوعيا بالنسبة إلى وجوب الوصية ، وطريقيا بالنسبة إلى متعلقه.