إذا جعل الحكم على نحو القضية الحقيقية
واخذ فى موضوعه العلم بذلك الحكم ، إختص بالعالم به ولم يثبت للشاك أو القاطع
بالعدم ، لان العلم يصبح قيدا للحكم ، غير أن أخذ العلم قيدا كذلك قد يقال : إنه
مستحيل ، وبرهن على استحالته بالدور ، وذلك لان ثبوت الحكم المجعول متوقف على وجود
قيوده ، والعلم بالحكم متوقف على الحكم توقف كل علم على معلومه ، فاذا كان العلم
بالحكم من قيود نفس الحكم ، لزم توقف كل منهما على الاخر ، وهو محال. وقد اجيب على
ذلك بمنع التوقف الثانى ، لان العلم بشىء لا يتوقف على وجود ذلك الشىء وإلا لكان
كل علم مصيبا ، وإنما يتوقف على الصورة الذهنية له فى افق نفس العالم ، أى أن
العلم يتوقف على المعلوم بالذات لا على المعلوم بالعرض ، فلا دور.
إلا أن هذا الجواب لا يزعزع الاستحالة
العقلية ، لان العقل قاض بأن العلم وظيفته تجاه معلومه مجرد الكشف ودوره دور
المرآة ، ولا يعقل للمرآة أن تخلق الشىء الذى تكشف عنه ، فلا يمكن أن يكون العلم