الطائفة الثالثة : ما دل من الروايات
على النهى عن تفسير القرآن بالرأى وأن من فسر القرآن برأيه فقد كفر.
وقد أجيب على الاستدلال بها بأن حمل
اللفظ على معناه الظاهر ليس تفسيرا ، لان التفسير كشف القناع ، ولا قناع على
المعنى الظاهر.
وقد يقال : إن هذا الجواب لا ينطبق على
بعض الحالات ، حينما يكون الدليل مشتملا على ظواهر اقتضائية عديدة متضاربة ، على
نحو يحتاج تقدير الظهور الفعلى المتحصل من مجموع تلك الظواهر بعد الموازنة والكسر
والانكسار ، إلى نظر وإمعان ، فيكون لونا من كشف القناع.
ولهذا نرى أن الفقهاء قد يختلفون فى فهم
دليل ، فيفهم بشكل من فقيه ، ويأتى فقيه آخر فيبرز نكتة من داخل الدليل تعين فهمه
بشكل آخر على أساس ما تقتضيه تلك النكتة من ظهور.
فالاحسن الجواب :
أولا : بأن كلمة الرأى منصرفة على ضوء
ما نعرفه من ملابسات عصر النص ، وظهور هذه الكلمة كمصطلح وشعار لا تجاه فقهى واسع
إلى الحدس والاستحسان ، فلا تشمل الرأى المبنى على قريحة عرفية عامة.
وثانيا : أن إطلاق الروايات المذكورة
للظاهر لا يصلح أن يكون رادعا عن السيرة على العمل بالظواهر ، سواء أريد بها
السيرة العقلائية أو سيرة المتشرعة ، نظير ما تقدم فى بحث حجية خبر الواحد.
أما الاولى فلان الردع يجب أن يتناسب
حجما ووضوحا مع درجة استحكام السيرة.