واعترض بأن
إطلاق القَرْض الذي هو إعطاء شيء ليستعيد عوضه في وقت آخر استعارة
للأعمال الصالحة ، فإن الأعمال الصالحة يفعلها العبد ويحصل له العوض في دار الآخرة
، وحينئذ لا دلالة في هاتين الآيتين ونظيرهما على مشروعية القرض. نعم يمكن
الاستدلال بغير ذلك من العمومات ، مثل قوله تعالى ( وَتَعاوَنُوا عَلَى
الْبِرِّ وَالتَّقْوى ) و ( أَحْسِنُوا إِنَّ
اللهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ ) ونحو ذلك ، وهو متجه. قوله : ( وَإِذا غَرَبَتْ تَقْرِضُهُمْ ذاتَ الشِّمالِ ) [ ١٨ / ١٧ ] أي تخلفهم شمالا وتجاوزهم. و « المِقْرَاضُ » واحد
المَقَارِيضِ التي يُقْرَضُ
بها. ومنه الْحَدِيثُ « كَانَ بَنُو إِسْرَائِيلَ إِذَا أَصَابَ أَحَدَهُمْ
قَطْرَةُ بَوْلٍ قَرَضُوا لُحُومَهُمْ بِالْمَقَارِيضِ ».
أي قطعوها ،
ولعل ذلك كما قيل لشدة نجاسة البول على الدم ، وكان ذلك من بول يصيب أبدانهم من
خارج لا أن الاستنجاء من البول كان بذلك وإلا هلكوا في مدة يسيرة. والقُرَاضَةُ بالضم : ما سقط بالقرض ، ومنه « قُرَاضَةُ الحلي ». والقِرَاضُ
والمضاربة بمعنى واحد
، وهو أن يدفع الإنسان إلى غيره مالا ليعمل به بحصة من ربحه. وقد قَارَضْتُ فلانا
قِرَاضاً : إذا دفعت
إليه مالا ليتجر فيه ويكون الربح بينكما على ما تشترطان والوظيفة على المال.