قال الشيخ أبو علي : قرأ أبو جعفر وابن عامرفَقَدَّرَ بالتشديد ، والمعنى قسم الله سبحانه أحوال البشر فقال : ( فَأَمَّا ) الإنسان ( إِذا مَا ابْتَلاهُ رَبُّهُ
) أي اختبره وامتحنه بالنعمة وأكرمه بالمال ونعمه بما وسع عليه من أنواع الإفضال
( فَيَقُولُ رَبِّي أَكْرَمَنِ
) أي فيفرح بذلك ويقول ربي أعطاني وهذا لكرامتي عنده ومنزلتي لديه ، يحسب أنه
كريم عند الله حيث وسع عليه الدنيا ( وَأَمَّا إِذا مَا ابْتَلاهُ
) بالفقر والفاقة ( فَقَدَرَ عَلَيْهِ ) أي ضيق وقتر عليه رزقه وجعله على قدر البلغة ( فَيَقُولُ رَبِّي أَهانَنِ
) فيظن أن ذلك هوان من الله ويقول ربي أذلني بالفقر ، قال تعالى ( كَلَّا ) أي ليس الأمر كما ظن ، فإني لا أغني المرء لكرامته ولا أفقره لمهانته عندي ،
ولكن أوسع على من أشاء وأضيق على من أشاء بحسب ما توجبه الحكمة ويقتضيه الصلاح ابتلاء
بالشكر ، وإنما الإكرام على الحقيقة يكون بالطاعة والإهانة تكون بالمعصية. ثم بين سبحانه
ما يستحق به الهوان بقوله ( بَلْ لا تُكْرِمُونَ الْيَتِيمَ
) إلى آخر الآيات. قوله : ( إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي
لَيْلَةِ الْقَدْرِ ) [ ٩٧ / ١ ] قال الشيخ أبو علي : الهاء كناية عن القرآن وإن لم يجر له ذكر لأنه
لا يشتبه الحال فيه.
واختلف العلماء
في معنى هذا الاسم وحده ، فقيل سميت ليلةالقَدْر لأنها الليلة التي يحكم الله فيها ويقضي بما يكون في السنة بأجمعها من كل أمر
، وهي الليلة المباركة في قوله ( إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي
لَيْلَةٍ مُبارَكَةٍ ) لأن الله تعالى ينزل فيها الخير والبركة والمغفرة.