قوله تعالى : ( وَإِنِ امْرَأَةٌ خافَتْ مِنْ بَعْلِها نُشُوزاً
أَوْ إِعْراضاً فَلا جُناحَ عَلَيْهِما أَنْ يُصْلِحا بَيْنَهُما صُلْحاً وَالصُّلْحُ
خَيْرٌ وَأُحْضِرَتِ الْأَنْفُسُ الشُّحَ ) [ ٤ / ١٢٨ ] قال الشيخ أبو علي في قوله ( وَالصُّلْحُ خَيْرٌ ) وهذه الجملة اعتراض ، وكذا قوله : ( وَأُحْضِرَتِ الْأَنْفُسُ
الشُّحَ ) أي جعل الشُّحُ حاضرا لها لا يغيب عنها ، إذ هي مطبوعة عليه ، والغرض أن
المرأة لا تسمح بقسمتها والرجل لا يسمح أن يمكنها إذا أحب غيرها ولم يحبها. والشُّحُ : الْبُخْلُ مع حرص ، فهو أشد من البخل لأن البخل في المال
وهو في مال ومعروف ، تقول شَحَ
يَشُحُ من باب قتل ، وفي
لغة من بابي ضرب وتعب فهوشَحِيحٌ ، وقوم أَشِحَّاءُ وأَشِحَّةٌ ، ومنه قوله تعالى : ( أَشِحَّةً عَلَى الْخَيْرِ
) [٣٣ / ١٩ ] فَالشُّحُ
: اللؤم وأن تكون النفس
حريصة على المنع ، وقد أضيف إلى النفس لأنه غريزة فيها ، وأما البخل فإنه المنع نفسه.
والشُّحُ مثلث الشين ـ قاله في القاموس وتَشَاحَ القوم : إذاشَحَ بعضهم على بعض.
وتوجيهه أن الشُّحَ حالة غريزية جبل عليها الإنسان ، فهو كالوصف اللازم له ومركزها
النفس ، فإذا انتهى سلطانه إلى القلب واستولى عليه عري القلب عن الإيمان ، لأنه يَشُحُ بالطاعة فلا يسمح بها ولا يبذل الانقياد لأمر الله. قال بعض
العارفين : الشُّحُ في نفس الإنسان ليس بمذموم لأنه طبيعة خلقها