ولقد كان إثبات عقائد وأحكام مذهب الشيعة
الجعفريّة أتباع مدرسة أهل البيت عليهمالسلام
من أدلّة الخصوم ، ومن أدلّة العامّة وكتبهم ومصادرهم سبباً هامّاً ومؤثّراً في
استبصار العديد من المؤمنين ، وكما ذكرت ، فإنّ هذه الميزة ، وهي إثبات ما عند
الشيعة من أدلّة الخصوم ، ميزة رئيسيّة في المذهب الحقّ تميّزه عن غيره ، وتعتبر
هذه الميزة إعجازا إلهيّاً من أجل إقامة الحجّة الدامغة على الناس ، فلله الحجّة
البالغة التي تقطع عذر المحجوج ، وتزيل الشكّ عمّن نظر فيها.
كلمة لا
بد منها :
وهكذا أخي الكريم ، فلقد ذكرت من أحوال
المستبصرين ما يشير إلى كيفيّة سيرهم وسلوكهم من البداية ، ثمّ التدرج في الترقّي
في المذهب الحقّ ، وذكرت أنّ الاستبصار يدلّ على الطهارة النفسيّة والمعنويّة عند
المستبصر ، وأنّه لابدّ وأنْ يستجيب لنداء الحقيقة القلبي ، ويمزجه بالعقليّ ،
حتّى تنتهي إلى الحقيقة الإيمانيّة الخالدة.
كما وأنّ هناك نداءات
أخرى كثيرة وقويّة يعايشها المستبصر قبل استبصاره ، ومنها : كثرة التناقضات في كتب
العامّة ، وفي كلّ المجالات ، كأنْ يأتي حديث يثبت البسملة وفي نفس الصفحة حديث
آخر يمنعها ، وكأنْ يكون هناك حديث ينهى عن استقبال القبلة في الخلاء وفي نفس
الصفحة حديث يشير إلى أنْ ابن عمر رأى رسول الله صلىاللهعليهوآله
يستقبل القبلة في الخلاء ، وغيرها المئات من التناقضات التي أوجبت من أحبّ حقيقة
الإيمان وعشقها أنْ يبحث في تفاصيلها ، فقد تبيّن للمستبصر من خلال التناقضات أنّ
هناك خللاً مخفيّاً لابدّ من التوصل إليه ، وأهم ملاحظة يستنتجها المستبصر من خلال
دراسة التناقضات تلك أنّ دين الله القويم لا يدخله التناقض ولا يعتريه خلل أو نقص.
وكذلك كثرة الأمور الغامضة ، والتي لا
يسمحون بتفسيرها أو التطرّق إليها ،