٢ ـ ثم إنّ القراءة بالنصب هي أدلّ على
المسح منها على الغسل ، وذلك أنّ آية الوضوء فيها جملتين فعليّتين ، الجملة الأولى
فيها فعل أمر بغسل المفعول به ، الوجه والأيدي ، وأمّا الجملة الفعليّة الثانية
فهي التي فيها فعل الأمر بالمسح ، والمفعول به هنا هو الرأس والأرجل ، فالأصل أن
تكون الجملة الفعلية الثانية : ( وَامْسَحُوا
بِرُؤُسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الكَعْبَيْنِ ) ولكنّ دخول الباء الزائدة ، والتي هي
للتبعيض ، جرّت رؤوسِكم ، وبقيت أرجلكم على وضعها النحويّ الطبيعيّ منصوبة تابعة
لفعل الأمر بالمسح في الجملة الفعليّة الآمرة بالمسح ، وهذا هو الحقّ الذي ينظر
إليه علماء اللغة من غير تأويل أو تحوير.
٣ ـ روى الطبريّ في جامع البيان في
تأويل قوله تعالى (وَأَرْجُلَكُمْ
إِلَى الكَعْبَيْنِ )
قال : روى عن داود بن أبي هند ، عن الشعبيّ ، قال : نزل جبريل بالمسح. قال : ثمّ
قال الشعبي : ألا ترى أنّ التيمّم أنْ يمسح ما كان غسلاً ويلغي ما كان مسحاً [١].
٤ ـ وروى الطبري أيضاً ، عن عامر أنّه
قال : أمر أنْ يمسح في التيمّم ما أمر أنْ يغسل في الوضوء ، وأبطل ما أمر أنْ يمسح
في الوضوء الرأس والرجلان [٢].
٥ ـ وروى السيوطيّ في الدرّ المنثور قال
: أخرج ابن أبي حاتم ، عن ابن عبّاس في قوله : (وَامْسَحُوا
بِرُؤُسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ) قال : هو المسح [٣].
٦ ـ وقال السيوطيّ في الدرّ المنثور :
أخرج عبد الرزاق ، وابن أبي شيبة ، وابن ماجة ، عن ابن عبّاس قال : أبى الناس إلا
الغسل ، ولا أجد في كتاب الله إلا المسح [٤].