الضيم فتحملوا منهم
، تلتمسون بذلك وجه الله والدار الآخرة ، وحتّى تكظموا الغيظ الشديد في الأذى في
الله عزّ وجلّ يجترمونه إليكم ، وحتّى يُكذّبوكم بالحقّ ويعادوكم فيه ويبغضوكم
عليه ، فتصبروا على ذلك منهم ، ومصداق ذلك كلّه في كتاب الله الذي أنزله جبرئيل عليهالسلام على نبيّكم صلىاللهعليهوآله ، سمعتم قول الله
عزّ وجلّ لنبيّكم صلىاللهعليهوآله
: ( اصْبِرْ كَما صَبَرَ أُولُوا العَزْمِ مِنَ
الرُّسُلِ وَلا تَسْتَعْجِل لَهُمْ )[١]. ثمّ قال : ( وَلَقَدْ
كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ فَصَبَرُوا عَلى ما كُذِّبُوا وَأُوذُوا )[٢].
فقد كُذّب نبيّ الله والرسل من قبله ، وأوذوا مع التكذيب بالحقّ ، فإنّ سرّكم أمر
الله فيهم الذي خلقهم له في الأصل ، أصل الخلق من الكفر الذي سبق في علم الله أنْ
يخلقهم له في الأصل ، ومن الذين سمّاهم الله في كتابه في قوله : ( وَجَعَلناهُمْ
أَئِمَّةً يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ )[٣]. فتدبّروا
هذا ، واعقلوه ولا تجهلوه ، فإنّه من يجهل هذا وأشباهه ممّا افترض الله عليه في
كتابه ممّا أمر الله به ونهى عنه ، ترك دين الله وركب معاصيه ، فاستوجب سخط الله ،
فأكبّه الله على وجهه في النار » [٤].
وروي عن ميسرة قال ، قال أبو جعفر
الباقر عليهالسلام
: « يا ميسرة ، ألا أخبرك بشيعتنا ، قلت : بلى جعلت فداك. قال : إنّهم حصون حصينة
في صدور أمينة ، وأحلام رزينة ، ليسوا بالمذاييع البذر [٥] ، ولا بالجفاة المرائين ، رهبان بالليل
، أسد بالنهار » [٦].