قبل المستبصر ، وتتطلّب
أيضاً التعمّق بدراسة أخلاق وسلوكيّات الأئمة من أهل البيت عليهمالسلام ، ومن ثمّ تعلّم
تطبيقها ، قبل التسرّع في نقل كلّ ما يعرف وإذاعته بين العوام بشكل ربّما لا يرضي
الله تعالى ، ولا يرضي رسول الله ولا أئمّة الهدى من أهل البيت عليهم الصلاة والسلام.
ولذلك حثّ الأئمّة عليهمالسلام أتباعهم وشيعتهم
على تعلّم كيفيّة معرفة واستنباط فئات المجتمع ، وكيفيّة التعامل معها. وكذلك
شدّدوا على موضوع ومضمون التقيّة ، وعلى معرفة مفهومها وكيفية تطبيقها ، كما
أكدّوا عليهمالسلام
على كتمان سرّ أهل البيت ، وصونه عن كلّ من لا يستحقّه ، ونهوا شيعتهم أنْ يكونوا
بذراً مذاييع ، وأمروهم بأنْ يكونوا زيناً لهم لا شيناً عليهم ، وأنْ يكونوا دعاة
لهم بغير ألسنتهم ، وأنْ يلتزموا بالتطبيق الصحيح المطابق لقول رسول الله وفعله
وتقريره والأئمّة من أهل بيته عليهم الصلاة والسلام.
رويَ في بحار الأنوار ، عن أمير
المؤمنين عليهالسلام
أنّه قال لكميل بن زياد في وصيّة طويلة :
« يا كميل ، إذا جادلت في الله تعالى
فلا تخاطب إلا من يشبه العقلاء.
يا كميل هم على كلّ حال سفهاء كما قال
الله تعالى : ( أَلا إِنَّهُمْ هُمُ السُّفَهاءُ وَلكِنْ لا
يَعْلَمُونَ )[١].
يا كميل ، في كلّ صنف قوم أرفع من قوم ،
وإيّاك ومناظرة الخسيس منهم ، وإنْ أسمعوك فاحتمل وكن من الذين وصفهم الله تعالى
بقوله : ( وَإِذا خاطَبَهُمُ الجاهِلُونَ قالُوا سَلاماً
)[٢].
يا كميل ، قل الحقّ على كلّ حال ، ووازر
المتّقين ، واهجر الفاسقين.