كما أكّد صحّة الرواية الحافظ ابن حجر
العسقلاني [١]
والحافظ الهيثمي [٢]
والشيخ إبراهيم الكوراني [٣]
وغيرهم.
وكما ذكرنا ونؤكّد ذلك مرّة أخرى عند
مطالعة هذه الروايات وأمثالها ، فإنّه يجب أنْ نتذكّر دائماً أنّ رسول الله صلىاللهعليهوآله معصوم ، ولا يمكن
أنْ يتمكّن الشيطان منه ، ولكنّ السلطات الحاكمة والحسّاد وأعداء رسول الله
والمبغضين له ، مكّنوا الشيطان منه صلىاللهعليهوآله
في عشرات الأحاديث المذكورة في صحاح المسلمين ، وقد ذكرنا أحاديث مزامير الشيطان
في بيت رسول الله وأمثالها ومنها قضية الغرانيق هذه.
إذن فهم قد مكّنوا الشيطان من رسول الله
صلىاللهعليهوآله
، بينما نفوا بأنْ يكون للشيطان أي قدرة على شخص غير معصوم كعمر بن الخطاب ، ووضعوا
لذلك أحاديثاً كثيرة تبيّن أنّ الشيطان إذا رأى عمر بن الخطاب فإنّه يهرب منه ومن
الفجّ الذي يسلكه [٤].
ثمّ إنّ القضيّة هي قضيّة تشريع ووحي.
وكلّ فئات المسلمين وطوائفهم حتّى من لم يعتقد بالعصمة الكاملة لرسول الله صلىاللهعليهوآله ، اتّفقوا كلّهم
على عصمته بالتشريع والوحي ، ولذلك جاءت قضيّة الغرانيق مناقضة تماماً لآيات العصمة
، وكذلك الآيات التي تقرّر أنّ كلام رسول الله صلىاللهعليهوآله
وحي من الله تعالى لا يمكن له أنْ يخالفه أو يخطئ به ، وما يتناقض مع القرآن
الكريم وآياته لا يجوز القبول به ، بل نعتقد أنّه من وضع البشر الذين أخذوا على
عاتقهم العمل
[١] أنظر فتح الباري
٨ : ٣٣٣. تفسير الآلوسي ١٧ : ١٧٦.