بالرسالة [١] ، ثمّ خروجه لفترات طويلة إلى غار حراء
يتعبّد الله تعالى هناك [٢]
، فهذه شواهد وكافية لأنْ يكون على معرفة راسخة بحقيقة أمره ، أضف إلى ذلك أنّ
الله تعالى إذا اختار عبداً واجتباه واصطفاه ، فإنّ من المقطوع به أنْ يحفّه
بالرعاية التامّة والإحاطة المقترنة بالتمكين وقبول كلّ ما يمكن أنْ يوكله الله تعالى
به ، فهل من الممكن بعد ذلك الطعن في عصمة رسول الله صلىاللهعليهوآله؟
وهل من الممكن قبول مثل تلك الروايات التي تشكّك بمعرفة رسول الله صلىاللهعليهوآله بالوحي؟
إنّه حقّا أمر خطير يستدعي من ذوي
البصيرة النظر والتدقيق وإعادة دراسة تراثنا وتاريخنا من جديد من خلال ضوابط وشروط
يقبلها الشرع والعقل حتّى يستطيع المسلم أنْ يعبد ربّه على بيّنة ، وحتّى يصل إلى
حقائق الإيمان المغيّبة ، وكان ممّا استدعى التدقيق والتفكير الرواية التالية من
صحيح البخاري ومسلم وغيرهما من كتب أهل السنّة والجماعة ، والتي وبعد التدقيق بها
لا يمكن أن يقبلها مسلم منصف لما عليها من تحفّظات وماتحويه من تناقضات سنتطرق
إليها بعد سرد الرواية.
روى البخاري في صحيحه أنّ
عائشة زوج النبيّ صلىاللهعليهوآله
قالت :
أول ما بدئ به رسول الله صلىاللهعليهوآله الرؤيا الصادقة في
النوم ، فكان لا يرى رؤيا إلا جاءت مثل فلق الصبح ، ثمّ حببّ إليه الخلاء ، فكان
يلحق بغار حراء ، فيتحنث فيه ـ قال : والتحنث التعبد ـ الليالي ذوات العدد قبل أن
يرجع إلى
[١] أنظر صحيح مسلم ٧
: ٥٨ ـ ٥٩ ، مسند أحمد ٥ : ٨٩ ، المصنّف لابن أبي شيبة ٧ : ٤٢٤.
[٢] صحيح البخاري ١
: ٣ ـ ٤ ، ٦ : ٨٨ ، صحيح مسلم ١ : ٩٧ ـ ٩٨ ، وأنظر شرح نهج البلاغة ٤ : ١١٥,