ما رواه البخاري
وغيره من صحاح أهل السنّة ، فهم يقررون حصول ذلك على رسول الله صلىاللهعليهوآله ، بل ويستشهدون به
دائماً ، ويدّرسونه للناس كما تعلمناه نحن في المدارس والمساجد.
فقد روى البخاري في صحيحه كتاب بدء
الخلق باب صفة إبليس وجنوده ، عن عائشة قالت : « سحر النبيّ صلىاللهعليهوآله ، حتّى كان يخيّل
إليه أنّه يفعل الشيء وما يفعله » [١].
والذي يثير حفيظة المدقّق المنصف عند
قراءته هذا الحديث والتأكيد على سحر رسول الله من قبل علماء السنّة ، هو أنّ حصول
السحر جعل رسول الله صلىاللهعليهوآله
يُخيّل إليه أنّه يفعل الشيء ولا يفعله ، وهذا يعنى حصول خلل في عملية تبليغ
الرسالة أو أيّ شيء من الوحي ، فربّما قال رسول الله شيئاً وهو مسحور على أنّه وحي
من الله تعالى وهو ليس كذلك بل من تأثير السحر عليه ، أو ربّما قال شيئاً من الوحي
وظنّ من حوله أنّه من تأثير السحر.
إنّ القول بجواز سحر رسول الله صلىاللهعليهوآله هو طعن في شخصه صلىاللهعليهوآله ، وطعن في مقام
النبوّة ومنزلة الرسالة ، وطعن في عقائد الدين وأحكامه ، والقول بجواز وقوع رسول
الله صلىاللهعليهوآله
تحت تأثير السحر هو مما لا يجوز شرعاً وعقلاً ، ولا يمكن أنْ يقبل ذلك العقل
الصحيح والمنطق السليم.
وعلاوة على ذلك فقد جزم القرآن الكريم
باستحالة وقوع رسول الله صلىاللهعليهوآله
تحت تأثير السحر ، بل إنّه اعتبر من يدّعى جواز حصوله عند رسول الله من أشدّ
الظالمين ، والظلم من أشدّ المحرّمات التي نهى عنها الشارع المقدّس ، وتوعّد
الظالم بالعقاب الشديد والعذاب الأليم في الدنيا والآخرة.
[١] صحيح البخاري ٤
: ٩١ ، وأنظر سنن ابن ماجة ٢ : ١١٧٣ ، مسند أحمد ٥ : ٥٠ ، وأخرج حديث السحر عن زيد
ابن أرقم أيضاً كما في : سنن النسائي ٧ : ١١٣ ، مسند أحمد ٤ : ٣٦٧.