بل شأنها محض التعقل ـ كما مرّ تفصيله في مبحث الظن وغيره [١] ـ.
ومنه تعرف أنه لا معنى لحكم العقل الارشادي ، فان الارشادية في قبال المولوية من شئون الأمر ؛ وإذ لا بعث ولا زجر فلا معنى لارشادية الحكم العقلي.
فلا محالة ليس معنى الحكم العقلي إلا إذعان العقل بقبح الاقدام على الضرر بملاك التحسين والتقبيح العقلائيين.
وقد مرّ [٢] مرارا أن الحسن والقبح العقليين في أمثال المقام كون الفعل ممدوحا عليه أو مذموما عليه عند العقلاء ، ومدح الشارع ثوابه وذمه عقابه ، كما مر تفصيله سابقا.
ومن الواضح أن الاقدام على الممدوح أو المذموم ليس موردا لمدح آخر أو ذم آخر ، والاقدام على الثواب أو العقاب ليس موردا لثواب آخر أو عقاب آخر ، بل لا يترتب على العدل الممدوح عليه إلا ذلك المدح ، ولا يترتب على الظلم المذموم إلا ذلك الذم ، وكذا في الثواب والعقاب.
فالاقدام على مقطوع العقاب فضلا عن محتمله خارج عن مورد التحسين والتقبيح العقليين.
مضافا إلى خروجه عنه لوجه آخر ، وهو أن ملاك البناء العقلائي على مدح فاعل بعض الأفعال ، وذم فاعل بعضها الآخر كون الأول ذا مصلحة عامة موجبة لانحفاظ النظام وكون الثاني ذا مفسدة مخلّة بالنظام.
فلذا توافقت آراء العقلاء ـ الذين على عهدتهم حفظ النظام بايجاد موجباته وإعدام موانعه ـ على مدح فاعل ما ينحفظ به النظام ، وذم فاعل ما يخل به.
[١] نهاية الدراية ٣ : التعليقة ٦ و ١٤٥. [٢] نهاية الدراية ٣ : التعليقة ١٤٥ : نهاية الدراية ٤ : التعليقة ٦.