أما بالاضافة إلى حسنه عقلا ، فلأن ما يخل بالنظام قبيح عندهم ، بل قد مرّ مرارا [١] أن ملاك الحسن والقبح العقليين كون الشيء ذا مصلحة ينحفظ بها النظام ، أو ذا مفسدة يختل بها النظام.
وأما بالاضافة إلى وجوبه أو استحبابه الشرعي فلأنها بداعي جعل الداعي ، ومع قبح الاحتياط المخل بالنظام في نظر العقل لا يعقل تصديق الجعل منه ، فيلغوا البعث قهرا.
بل نقول : إن نفس التكليف الواقعي ـ الذي يقتضي الجمع بين محتملاته الاخلال بالنظام ـ لا يبقى عليه فعلية الباعثية والزاجرية ، لا من حيث إنه يقتضي ما يخل بالنظام ؛ لأن مقتضاه نفس متعلقه ، وهو قطعا لا يخل بالنظام ، بل الاخلال في تحصيل العلم بامتثاله ، وليس ذلك من مقتضيات نفس التكليف ولو بالواسطة ، كما قدمنا شرحه في أوائل [٢] دليل الانسداد.
بل من حيث إن العقل بعد ما لم يحكم بتحصيل العلم بامتثاله لا معنى لبقائه على صفة الدعوة الفعلية كما قدمناه هناك [٣]
وأما ما في المتن من أن الاحتياط قبل الاخلال يقع حسنا ، وبعد لزوم الاختلال منه لا يكون حسنا ، فهو بالاضافة إلى الجمع بين الاحتياطات بالنسبة إلى تكاليف متعددة ، لا بالاضافة الى الجمع بين محتملات تكليف واحد ، فانه مبني على إمكان الانفكاك بين الموافقة القطعية وترك المخالفة القطعية. فتدبر.
[١] منها في مبحث حجية القطع التعليقة ١٠. ومنها في مبحث الظن التعليقة : ٥١ و ١٤٥ نهاية الدراية ٣. [٢] نهاية الدراية ٣ : التعليقة ١٣٠. [٣] في التعليقة : ١٢٨.