قلت : التحقيق في الملكية ـ وغيرها من الوضعيات الشرعية والعرفية ـ أنها موجودة بالاعتبار لا بالحقيقة ، فكما أن الأسد له نحو من الوجود الحقيقي ، وهو الحيوان المفترس ، والاعتباري ، وهو الشجاع ، كذلك الملكية ربما توجد بوجودها الحقيقي الذي يعدّ من الأعراض الخارجية والمقولات الواقعية ، كما في المحيط على العين والواجد المحتوي لها خارجا ـ وإن كان غاصبا ـ فهو باعتبار نفس الإحاطة الخارجية من مقولة الجدة ، وباعتبار تكرّر نفس النسبة ـ أعني المالكية والمملوكية ـ من مقولة الإضافة ، وربما توجد بوجودها الاعتباري ، فالموجود بالحقيقة نفس الاعتبار القائم بالمعتبر ، وإنما ينسب هذا الوجود إلى الملكية لكونها طرف هذا الاعتبار. وكما أنّ مصحّح اعتبار الرجل الشجاع أسدا هي الجرأة والشجاعة كذلك مصحّح اعتبار المتعاملين مالكا والعين مملوكا [٢] هي المصلحة القائمة بالسبب الحادث الباعثة على هذا الاعتبار.
ومن هذه المرحلة تختلف الانظار ، فالملكية من المعاني التي لو وجدت في الخارج لكان مطابقها عرضا ، لكنها لم توجد حقيقة هنا ، بل اعتبرها الشارع أو العرف لما دعاهم إليه. وحيث إن حقيقتها شرعا أو عرفا عين الاعتبار ، فلا مانع من اعتبارها بلحاظ أمر متقدّم متصرّم أو أمر مقارن أو متأخر ، ولعل نظر من جعل العلل الشرعية معرّفات إلى ذلك ، فإنّ المتقدّم أو المقارن أو المتأخّر يكشف
[١] منطق السفاء ١ : ٧٠ ، ٨٢ المقالة الثانية من الفن الثاني الفصل الرابع والخامس ، والجوهر النضيد : ٢٣ ، في المقولات العشر ٣٠ في مقولة الملك والاسفار لصدر المتألهين ( رحمه الله ) ٤ : ٦ عند قوله : أنه لا مقولة خارجة عن هذه العشرة ، وكذا ٤ : ٢٢٣ ، الفصل : ٦ ، في الجدة ؛ إذ قال : ( وقد يعبّر عن الملك بمقولة ( له ) فمنه طبيعي ككون القوى للنفس ، ومنه اعتباري خارجي ككون الفرس لزيد ، ففي الحقيقة الملك يخالف هذا الاصطلاح ، فإن هذا من مقولة المضاف لا غير ). [٢] المقصود : ... اعتبار المتعاملين مالكين والعين مملوكة ...