قلت : أما على القول بصحة استعماله فيهما حقيقة فواضح ؛ لأنّ الاستعمال في مجموع المعنيين بنحو الجمع في اللحاظ مجاز ، لا يصار إليه بلا قرينة. وأما على القول بصحته مجازا ، فهما وإن تساويا في المجازية ، إلا أن ظاهر الحكم المرتّب على مفهوم وحداني ـ وإن كان بنحو الجمع في اللحاظ ـ كون المعنى موضوعا تامّا للحكم ، كما إذا حكم على الدار بشيء فإنّ أجزاء معناها ليس كل واحد منها موضوعا له ، بخلاف ظاهر الحكم المرتب على مفهومين ـ سواء كان بلفظين او بلفظ واحد ـ فان مقتضاه كون كل منهما موضوعا للحكم ، فإثبات الإمكان مقدمة لأحد الأمرين بضميمة ما بيناه من الظهور ، فتدبر جيدا.
٩١ ـ قوله [ قدس سره ] : ( إن حقيقة الاستعمال ليس مجرد جعل اللفظ علامة على إرادة [١] المعنى ... الخ ) [٢].
وإلا كان الاستعمال في معنيين بمكان من الامكان ؛ إذ غاية ما يتخيّل في امتناعه على هذا الوجه ما عن بعض المدقّقين من المعاصرين [٣] : من أن ذكر اللفظ لتفهيم المعنى ، أو لكونه علامة عليه ـ بمعنى كونه مقتضيا للعلم به والانتقال إليه ؛ لمكان الملازمة الحاصلة بالوضع ـ نفس تفهيم المعنى ، ونفس المقتضي للعلم به وكونه إعلاما تحصلا وتحقّقا ـ كما في سائر الامور التوليدية والتسبيبية ـ والوجود الواحد يمتنع أن يكون إيجادين ، فيمتنع تحقق تفهيمين وإعلامين بوجود لفظ واحد لوحدة الوجود والايجاد ذاتا ، وإن اختلفا اعتبارا.
ويندفع أوّلا : بأنّ وحدة الوجود والإيجاد تقتضي وحدة ما يضاف إلى شيء واحد ، وأي مساس لوجود اللفظ بايجاد المعنى في ذهن المخاطب ، ولو اتحدا لما
[١] في الكفاية ـ تحقيق مؤسستنا ـ : علامة لإرادة المعنى. [٢] الكفاية : ٣٦ / ٦. [٣] صاحب المحجّة ـ كما في هامش الأصل ـ.