علي
، وأخبره بأن الله عز وجل قد عصمه من الناس ، فأمر رسول الله عند ما جاءته العصمة
مناديا ينادي في الناس بالصلاة جامعة ، وبردّ من تقدّم منهم وبحبس من تأخر ، وتنحى
عن يمين الطريق إلى جنب مسجد الغدير ، أمره بذلك جبرئيل عن الله عز وجل ، وكان في
الموضع سلمات ، فأمر رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم أن يقمّ ما تحتهنّ ، وينصب له حجارة
كهيئة المنبر ليشرف على الناس ، فتراجع الناس واحتبس أواخرهم في ذلك المكان لا
يزالون ، فقام رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ فوق تلك الأحجار ، ثمّ حمد الله
تعالى وأثنى عليه فقال :
الحمد
لله الذي علا في توحّده ، ودنا في تفرده ، وجلّ في سلطانه ، وعظم في أركانه ،
وأحاط بكلّ شيء علما وهو في مكانه ، وقهر جميع الخلق بقدرته وبرهانه ، مجيدا لم
يزل ، محمودا لا يزال ، بارئ المسموكات ، وداحي المدحوات ، وجبار الأرضين
والسماوات ، قدّوس سبّوح رب الملائكة والروح ، متفضّل على جميع من برأه ، متطول
على جميع من أنشأه ، يلحظ كلّ عين والعيون لا تراه ، كريم حليم ذو
أناة
، قد وسع كلّ شيء رحمته ومنّ عليهم بنعمته ، لا يعجّل بانتقامه ولا يبادر إليهم
بما استحقوا من عذابه ، قد فهم السرائر وعلم الضمائر ، ولم تخف عليه المكنونات ،
ولا اشتبهت عليه الخفيات ، له الإحاطة بكل شيء والغلبة على كلّ شيء ، والقوة في
كلّ شيء ، والقدرة على كل شيء ، وليس مثله شيء ، وهو منشئ الشيء حين لا شيء ، دائم
قائم بالقسط لا إله إلاّ هو العزيز الحكيم ، جلّ عن أن تدركه الأبصار وهو يدرك
الأبصار وهو اللطيف الخبير ، لا يلحق أحد وصفه من معاينة ، ولا يجد أحد كيف هو من
سرّ وعلانية إلاّ بما دل عز وجل على نفسه.
وأشهد
أنه الله الذي ملأ الدهر قدسه ، والذي يغشى الأبد نوره ، والذي ينفذ أمره ، بلا
مشاورة مشير ، ولا معه شريك في تقدير ، ولا تفاوت في تدبير ، صوّر ما أبدع على غير
مثال ، وخلق ما خلق بلا معونة من أحد ولا تكلّف ولا احتيال ، أنشأها فكانت ،
وبرأها فبانت ، فهو الله الذي لا إله إلاّ هو ، المتقن الصنعة ، الحسن الصنيعة ،
العدل الذي لا يجور ، والأكرم الذي ترجع إليه الأمور.