فنادى
منادي رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ في الناس : ألا إنّ رسول الله يريد
الحج ، وأن يعلّمكم من ذلك مثل الذي علّمكم من شرائع دينكم ، ويوقفكم من ذاك على
ما أوقفكم عليه من غيره. فخرج رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ وخرج معه الناس ، وأصغوا إليه
لينظروا ما يصنع فيصنعوا مثله ، فحج بهم ، وبلغ من حج مع رسول الله من أهل المدينة
وأهل الأطراف والأعراب سبعين ألف إنسان أو يزيدون ، على نحو عدد أصحاب موسى
السبعين ألف الذين أخذ عليهم بيعة هارون ، فنكثوا واتبعوا العجل والسامري ، وكذلك
أخذ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ البيعة لعلي بالخلافة على عدد أصحاب
موسى ، فنكثوا البيعة واتبعوا العجل والسامري سنّة بسنّة ومثلا بمثل ، واتصلت
التلبية ما بين مكة والمدينة.
فلمّا
وقف بالموقف أتاه جبرئيل عليهالسلام عن الله عز وجل فقال : يا محمد إن الله
عز وجل يقرؤك السلام ويقول لك : إنه قد دنى أجلك ومدّتك ، وأنا مستقدمك على ما لا
بد منه ولا عنه محيص ، فاعهد عهدك وقدّم وصيتك ، واعمد إلى ما عندك من العلم
وميراث علوم الأنبياء من قبلك والسلاح والتابوت وجميع ما عندك من آيات الأنبياء ،
فسلّمه إلى وصيك وخليفتك من بعدك ، حجتي البالغة على خلقي علي بن أبي طالب عليهالسلام ، فأقمه
للناس علما وجدّد عهده وميثاقه وبيعته ، وذكّرهم ما أخذت عليهم من بيعتي وميثاقي
الذي واثقتهم وعهدي الذي عهدت إليهم ، من ولاية وليي ومولاهم ومولى كل مؤمن ومؤمنة
علي بن أبي طالب عليهالسلام ، فإني لم أقبض نبيا من الأنبياء إلاّ
من بعد إكمال ديني وحجتي ، وإتمام نعمتي بولاية أوليائي ومعاداة أعدائي ، وذلك
كمال توحيدي وديني وإتمام نعمتي على خلقي باتباع وليي وطاعته ، وذلك أني لا أترك
أرضي بغير وليي ولا قيّم ، ليكون حجة لي على خلقي.
فاليوم
أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام