فان قيل : لا
نسلّم الإمكان أي إمكان منازعتهما أبا بكر.
قلنا : قد ذهبتم
وسلّمتم أن عليا كان أشجع الناس من أبي بكر وأصلب منه في الدين ، وأكثر منه قبيلة
وأعوانا وأشرف منه نسبا وأتم منه حسبا ، والنص الذي تدّعونه لا شك أنه كان بمرأى
من الناس وبمسمع منهم ، والأنصار لم يكونوا يرجحون أبا بكر على علي ، والنبي صلّى
الله عليه وسلّم ذكر في آخر عمره على المنبر وقال : إن الأنصار كرشي وعيبتي وهم
كانوا الجند الغالب والعسكر ، وكان ينبغي أن النبي أوصى الأنصار بإمداد علي في أمر
الخلافة ، وأن يحاربوا من يخالف نصه في خلافة علي.
ثم إن فاطمة عليهاالسلام ـ مع علوّ منصبها
ـ زوجته ، والحسن والحسين عليهماالسلام مع كونهما سبطي رسول الله ولداه ، والعباس مع علوّ منصبه
عمّه ومعه ، فإنه روي أنه قال لعلي : أمدد يدك أبايعك حتى يقول الناس بايع عم رسول
الله ابن عمه فلا يختلف فيك اثنان ، والزبير مع شجاعته كان معه ... ».
وممن ذكر ذلك في
إثبات إمامة أبي بكر والرد على الامامية القاضي ناصر الدين البيضاوي في ( طوالع
الأنوار ) وشمس الدين الاصفهاني في شرحه.
وقال ابن قتيبة : «
وكان العباس بن عبد المطلب لقي علي بن أبي طالب فقال له : إن النبي صلّى الله عليه
وسلّم يقبض فاسأله ، فإن كان الأمر لنا بيّنه وان كان لغيرنا أوصى بنا خيرا ، فلما
قبض رسول الله قال العباس لعلي بن أبي طالب : أبسط يدك أبايعك فيقال : عمّ رسول
الله بايع ابن عمر رسول الله ويبايعك أهل بيتك ، وإن كان هذا الأمر إذا كان لم
يؤخر ، فقال له علي : ومن يطلب هذا الأمر غيرنا؟ وقد كان العباس لقي أبا بكر فقال
: هل أوصاك رسول الله بشيء؟ فقال : لا. فلقي العباس عمر فقال له مثله فقال عمر :
لا. فعند ذلك قال العباس لعلي : أبسط يدك أبايعك ويبايعك أهل بيتك » [١].