« وفي فصوص الحكم
وشرحه : وما كان من نبي يأخذ شيئا من الكمالات إلاّ من مشكاة خاتم النبيين ، وإن
تأخّر عنهم وجود طينته ، إذ لا تعلق بمشكاته لوجوده الطيني ، فإنه بحقيقته موجود
قبلهم ، لأنه أبو الأرواح ، كما أن آدم أبو الأشباح » [١].
قلت : ومن اتحاد نورهما عليهماالسلام يعلم أن الأنبياء عليهمالسلام أخذوا الكمالات من مشكاته أيضا ، وحينئذ كيف يفضل الآخذ
على المأخوذ منه ، وكيف يقدم من ليس له شيء منها على الحاوي لجميعها والمعطي لها؟!.
وقال القيصري
شارحا لكلام ابن عربي الذي نقله الديار بكري عن الفصوص : « إنما أعاد ذكره ليبين
أنه وإن تأخر وجود طينته فإنه موجود بحقيقته في عالم الأرواح ، وهو نبي قبل أن
يوجد ويبعث للرسالة إلى الأمة ، لأنه قطب الأقطاب كلها أزلا وأبدا ، وغيره من
الأنبياء ليس لهم النبوة إلاّ حين البعثة ، لأنه عليهالسلام هو المقصود من الكون وهو الموجود أولا في العلم ، وبتفصيل
ما يشتمل عليه مرتبته حصل أعيان العالم فيه.
وأيضا : أعيان
الأنبياء بحسب استعداداتهم وإن كانوا طالبين ظهور النبوة فيهم لكنهم لم يظهروا مع
أنوار الحقيقة المحمدية ، كاختفاء الكواكب وأنوارها عند طلوع الشمس ونورها ، فلمّا
تحققوا في مقام الطبيعة الجسمية وظلمة الليالي العنصرية ظهروا بأنوارهم المختفية
كظهور القمر والكواكب في الليلة المظلمة ».
وقال ابن عربي في
( الفصوص ) :
« فصّ ، حكمة
فردية في كلمة محمدية ، إنما كانت حكمة فردية لأنه أكمل موجود في هذا النوع
الانساني ، ولهذا بدئ به الأمر وختم ، فكان نبيا وآدم بين الماء والطين ، ثم كان
بنشأته العنصرية خاتم النبيين وأول الأفراد الثلاثة ، وما زاد على هذه الأولية من
الأفراد فإنه عنها ، وكان عليهالسلام أدلّ على ربه ، فانه أوتي جوامع الكلم التي هي مسميات
أسماء آدم ».