فله في ذلك مقاصد
حسنة لا ترد بها الحديث حجة ، فما أحوجه إلى ذلك وترك ما قال ، لما عرفت أن الحديث
ليس متعينا في معارضة فعله رضي الله تعالى عنه ، بل عندنا معارضة الأحاديث الصحيحة
بعمل هؤلاء الأئمة رضي الله تعالى عنهم والثابت عنهم ثبوت الحديث المعارض عن النبي
صلّى الله عليه وسلّم على فرض وجودها لها حكم معارضة النصوص بعضها ببعض ، فإن فهم
الجمع فيها وإلاّ يتوقف ، مع الجزم بأن لا تعارض بينها في نفس الأمر.
ثم إن الإرسال في
محمل حسن لعمله رضي الله تعالى عنه يكفينا في الجواب ، بعد ما اتضح عليك أن النص
لا يقوم معارضا بعمله رضي الله تعالى عنه إلاّ بالتزام فعله لما يستنزه منه أصبياء
الطريقة والجزم بتعينه فيه مما يعد جحودا بأهل هذا البيت المقدس رضي الله تعالى
عنهم ، أعاذ الله سبحانه كلّ مسلم عن ذلك ، فقد بدا لي بحمد الله سبحانه وجهان
لفعله رضي الله تعالى عنه اللائق بحاله على المعنى من ذلك.
أحدهما : أن
للعارفين في مجالي النساء تجلي إلهي خاص ، أشار أعرف خلق الله صلّى الله عليه
وسلّم إلى ذلكبقوله : حبّب إليّ من دنياكم ثلاث ، وذكر النساء ، وسرّ ذلك يطلب من الحكمة الفردية في الفص
المختتم به كتاب ( فصوص الحكم ) وفي غيره من كلام الشيخ الأكبر رحمهالله تعالى ، وتلون
العارف بالتجليّات الإلهية خير عنده من التمكن ، وكلّ شيء من الدنيا فيه سر إلهي
يختص بذلك الشيء ، فمباشرة كثرة النساء تعرض للنفحات الالهية المتجددة ولا يتيسر
تلك الكثرة إلاّ بكثرة الطلاق والأنكحة.
وفي حلّ النكاح
سرّ ليس في ملك اليمين ، فإنه وهب وقبول لسر متحرك وبين الزوجين صلة بين المتفرقين
، ولا يوجد ذلك في ملك اليمين ، فإنّ حل المباشرة فيه عرض طرأ على الملك وليس
العقد عقد الوصلة وجمع التفرقة ، والنكاح والتزويج ينبئان لغة عن ذلك ، إذ النكاح
بمعنى الضم والتزويج بمعنى التلفيق ، وهو ليس سر الملك ومعناه من حيث انه ملك كما
هو معنى النكاح والتزويج