فاعلم أن الأئمة
الطاهرين رضي الله تعالى عنهم يحرّمون الرأي والقياس ، ولهذالما
دخل أبو حنيفة على جعفر بن محمد رضي الله تعالى عنه ـ على ما حكاه الشعراني في
اللواقح ـ قال له : بلغني أنك تقيس ، لا تقس ، فإن أوّل من قاس إبليس ، فإسناد ذلك إلى الامام الحسن باطل ، وإنما عملهم على
النصوص والإلهام والكشف والفهم من الله سبحانه في معانيها.
ثم إن النبي صلّى
الله عليه وسلّم لعن في هذا الحديث كلّ ذوّاق مطلاق ، فخص ما عم ، فأفاد النهي عن
كثرة الطلاق المسبب بكثرة التلذذ من صاحبه بالنساء لرداءة حاله في شره شهوته
المفضي إلى ارتكاب أبغض المباحات إلى الله تعالى ، فالمطلاق لا للذوق بل لأمر صحيح
في نفسه لا يتوجه إلى هذا اللعن ، كالذي اتفق له في كل زوجة ما لم يضيّق الشرع في
دفعه عن نفسه ، كالمرض الساري أو العقم ولم يكن قادرا إلاّ على نفقة الواحدة أو
النشوز أو الفسق أو غيرها ، أو يكون طبيبا يريد الاطلاع على ما يختص بطبائعهنّ مما
يتيسر من غير محرميته نكاح بجماعة منهن ، وهذا مما أخبر به بعض المتبصرين بالطبائع
المختصة بهن عن نفسه وعمله ، أو يكون فقيها يريد الاطلاع على دقائق مسائل الحيض
مما يتوقف على المحرمية ، وكل ذلك مقاصد صحيحة لكثرة الطلاق ، ولا يصدق على أحد
ممن يطلق لما ذكر « ذواق » فإنه ظاهر فيمن حمله كثرة الذوق بعسيلة الجماع على كثرة
الطلاق ، فإذا كان اللفظ ظاهرا في مثل هذا المحمل ، ولم يكن نصا في معارضة العمل
من مثله رضي الله تعالى عنه ، يجب أن يحمل على أحسن المحامل ولو على الإرسال وعدم
التعين لها ، فيقال : النهي مخصوص بكلّ حريص شره لا يحمله على الطلاق إلا الشهوة
واللذة ، وأدنى المقبلين على الآخرة فضلا عن المتوجهين إلى الله تعالى يستنكف أن
يرتكب ذلك لذلك ، كما لا يخفى هذا على من شاهد بعده عن بعض المشتغلين بالخير في
زماننا ، فما ظنّك بالإمام الحق سيد أقطاب الله في أرضه.
فكان الواجب أن
يقول : وأما ما فعله الامام الحسن رضي الله تعالى عنه