وحينئذٍ يأتي دور النّظر
في شبهات المخالفين ، ولمّا كان هذا الإستدلال من أقوى أدلّة أصحابنا على إمامة أمير
المؤمنين ، لكونه مستنداً إلى الكتاب والسنّة الثابتة المقبولة لدى الفريقين ، فقد
بذلوا أقصى جهودهم للردّ عليه.
وقد اشترك في الردّ
على هذا الاستدلال المعتزلة والأشاعرة ، وقد ظهر لدى التحقيق أن الأصل في عمدة شبهاتهم
في المقام هم المعتزلة ، والأشاعرة عيال عليهم وتبع لهم.
* فلنورد أوّلاً ملخّص
كلام القاضي عبدالجبّار المعتزلي في الاعتراض على الإستدلال بالآية ، فإنّه قال : إعلم
أنّ المتعلّق بذلك لا يخلو من أن يتعلَّق بظاهره أو بامور تقارنه ، فإنْ تعلّق بظاهره
فهو غير دال على ما ذكر ، وإنْ تعلَّق بقرينةٍ فيجب أن يبيّنها ، ولا قرينة من إجماع
أو خبرٍ مقطوع به. فإنّ قيل : ومن أين أن ظاهره لا يدل على ما ذكرناه؟ قيل له : إنّه
تعالى ذكر الجمع ، فكيف يحمل على واحدٍ معين؟ وقوله : ( وَيُؤْتُونَ
الزَّكاةَ وَهُمْ راكِعُونَ ) لو ثبت أنّه لم يحصل
إلاّلأمير المؤمنين ، لم يوجب أنّه المراد بقوله : ( وَالَّذِينَ آمَنُوا ) ولأنّ صدر الكلام إذا كان عامّاً لم يجب تخصيصه لأجل تخصيص الصفة.
ومن أين أن المراد بقوله : ( يُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَهُمْ
راكِعُونَ ) ما زعموه دون أن يكون
المراد به أنّهم يؤتون الزكاة وطريقتهم التواضع والخضوع. وليس من المدح إيتاء الزكاة
مع الاشتغال بالصلاة ، لأنّ الواجب في الراكع أنْ يصرف همّته ونيّته إلى ما هو فيه
ولا يشتغل بغيره. قال شيخنا أبو هاشم يجب أن يكون المراد