ويقول الشيخ نور
الدين ابن الصبّاغ المالكي : « ومنها : قوله صلّى الله عليه وسلّم : أنت مني
بمنزلة هارون من موسى غير أنّه لا نبي بعدي ، فلا بدَّ أوّلاً من كشف سرّ المنزلة
التي لهارون من موسى ، وذلك إنّ القرآن المجيد الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه
ولا من خلفه ، نطق بأنّ موسى عليهالسلام سأل ربه عزوجل فقال : ( وَاجْعَلْ لِي
وَزِيراً مِنْ أَهْلِي هارُونَ أَخِي اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي وَأَشْرِكْهُ فِي
أَمْرِي ) وإنّ الله عزوجل
أجابه إلى مسئوله ، وأجناه من شجرة دعائه ثمرة سؤله فقال عزّ من قائل : ( قَدْ
أُوتِيتَ سُؤْلَكَ يا مُوسى ) وقال عزوجل : ( وَلَقَدْ
آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ وَجَعَلْنا مَعَهُ أَخاهُ هارُونَ وَزِيراً ) وقال الله : ( سَنَشُدُّ عَضُدَكَ
بِأَخِيكَ ).
فظهر : أن منزلة
هارون من موسى عليهالسلام منزلة الوزير ...
فتلخيص أن منزلة
هارون من موسى صلوات الله عليهما : أنه كان أخاه ووزيره وعضده في النبوة ، وخليفته
على قومه عند سفره.
وقد جعل رسول الله
صلّى الله عليه وسلّم عليّاً منه بهذه المنزلة « إلاّ النبوة » ، فإنه صلّى الله
عليه وسلّم إستثناها بقوله : « غير أنّه لا نبي بعدي ». فعلي أخوه ووزيره وعضده
وخليفته على أهله عند سفره إلى تبوك ». [١]
ويقول محمد بن
إسماعيل الأمير : « ولا يخفى : أنّ هذه منزلة شريفة ورتبة عليّة منيفة ، فإنه قد
كان هارون عضد موسى الذي شدّ الله به أزره ، ووزيره وخليفته على قومه ، حين ذهب
لمناجاة ربه. وبالجملة : لم يكن أحد من موسى عليهالسلام بمنزلة هارون عليهالسلام ، وهو الذي سأل الله تعالى أن يشدّ به أزره ويشركه في أمره
، كما سأل ذلك رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ، كما فى حديث أسماء بنت عميس ،
وأجاب الله نبيه موسى عليهالسلام بقوله : ( سَنَشُدُّ