وأما ثانياً :
فدعواه الإجماع منهم على ما نسبه إليهم ، دعوى كاذبة باطلة جدّاً. ولنذكر طرفاً من
كلماتهم لتوضيح الجهة الأولى ، وأنْ لا إجماع منهم على ما ذكره ، ولا يخفى أنّ
الذي في كلمات جمع منهم هو الإستخلاف على الناس في المدينة المنوّرة ، فمنهم من
ذكر علياً عليهالسلام فقط ، ومنهم من ذكر غيره ، فتردّد بين أحد الرجلين ، ففي كلماتهم ـ بصورة
عامة ـ دلالة على كذب ما زعمه ( الدهلوي ) من أن الإمام إنما استخلفعلى العيال
فقط.
قال الحلبي : «
وخلّف على المدينة محمد بن مسلمة الأنصاري رضي الله تعالى عنه على ما هو المشهور ،
قال الحافظ الدمياطي رحمهالله : وهو أثبت عندنا. وقيل : سباع بن عرفطة. أي : وقيل : ابن
أم مكتوم. وقيل : علي بن أبي طالب ، قال ابن عبد البر : وهو الأثبت ، هذا كلامه » [١].
وقال الشامي : «
قال ابن هشام : واستخلف رسول الله صلّى الله عليه وسلّم على المدينة محمد بن مسلمة
الأنصاري رضياللهعنه. قال : وذكر الدراوردي : إنه استخلف عام تبوك سباع بن عرفطة. زاد محمد بن عمر
بعد حكاية ما تقدم : ويقال : ابن ام مكتوم. قال : والثابت عندنا محمد بن مسلمة ،
ولم يتخلف عنه في غزوة غيرها. وقيل : علي بن أبي طالب. قال أبو عمرو وتبعه ابن
دحية : وهو الأثبت. قلت : ورواه عبد الرزاق في المصنف بسندٍ صحيح عن سعد بن أبي
وقاص ولفظه : إن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم لمّا خرج إلى تبوك ، إستخلفعلى
المدينة علي بن أبي طالب » [٢].