وقال الفضل بن روزبهان
الشيرازي ـ وهو من مشاهير المتكلّمين من أهل السنة ، والمتأخرون عنه عيال عليه ـ في
جواب احتجاج العلاّمة الحلّي بقول الامام عليهالسلام « سلوني قبل أن تفقدوني » وقول النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم : « أنا مدينة العلم وعلي بابها » قال ما نصه : « أقول : هذا يدل على وفور علمه واستحضاره أجوبة
الوقائع واطّلاعه على أشتات العلوم والمعارف. وكلّ هذه الأمور مسلّمة ، ولا دليل
على النص ، حيث أنّه لا يجب أن يكون الأعلم خليفة ، بل الأحفظ للحوزة والأصلح
للأمة ، ولو لم يكن أبو بكر أصلح للإمامة لما اختاروه ».
أقول
: لم يجد ابن
روزبهان مناصا من الاعتراف بدلالة حديث أنا مدينة العلم
على الأعلميّة المطلقة
لأمير المؤمنين عليهالسلام ، غير أنّه ينكر اشتراط الأعلميّة في الخليفة ، ومن هنا
يقول بأنّ هذا الحديث لا يكون نصّا على خلافة الامام عليهالسلام ، ويستدل باختيار الأمة أبا بكر للإمامة مع كونه غير أعلم
، وما ذكره مردود من وجوه :
أحدها
: إنّ حديث
« أنا مدينة العلم وعلي بابها » من الأدلة الواضحة على خلافة سيدنا أمير المؤمنين عليهالسلام ، وقد بيّنا ذلك
بوجوه عديدة فيما سبق من الكتاب.
والثاني
: لقد دلّ الكتاب
والسنة المتأيدة بأقوال المفسرين من أهل السنّة ، على تعيّن الأعلم للإمامة
والخلافة ، وقد تقدّم بيان ذلك بالدلائل الكثيرة المفيدة للقطع واليقين ، ولو لم
يكن فيها سوى ما ذكره الله سبحانه في قصة آدم ، وقصة طالوت ، لكفى في ذلك دليلا
وبرهانا.