السابقة حول زهد
أبي ذر محتمل للوجهين المذكورين ، فإن أراد بيان اتّصاف أبي ذر بهذه الصّفة
الحميدة فلا كلام في ذلك لأحد من المسلمين ، وإن كذّبه عثمان ابن عفان وأتباعه.
وإن أراد كونه باب مدينة العلم في الصّدق فهذا باطل بنفس ما تقدّم ، وانّ صدق
اللهجة لا يستلزم كونه باب مدينة العلم.
وبما ذكرنا يبطل
قوله : « فجعل له بابين باب الصدق وباب الزهد » إن أراد الجعل الحقيقي.
٥ ـ تصرّف العاصمي في حديث : ما
أظلّت ...
وقد رأيت تصرّف
العاصمي في حديث « ما أظلّت ... » لأنّ اللّفظ الذي ذكره يغاير لفظ الحديث المذكور
في كتب الفريقين والمشهور على ألسنة المسلمين ، ولم يظهر لنا وجه هذا التّصرف.
٦ ـ بطلان دعوى ان الزهد جامع
للعلم كلّه
وأمّا قوله : «
والزّهد جامع للعلم كلّه » فكلام باطل ، كما هو ظاهر كلّ الظّهور ، على أنّه إن
كان أبو ذر جامعا للعلم كلّه ـ بسبب زهده ـ كان في درجة أمير المؤمنين عليهالسلام في العلم ، وهذا
لا يلتزم به أحد ، والأدلّة على أعلمية أمير المؤمنين عليهالسلام من جميع الأصحاب
لا تحصى كثرة.
بل يلزم من كلام
العاصمي هذا مساواة أبي ذر للنبي صلىاللهعليهوآلهوسلم في العلم ... وهذا في غاية البطلان.