ومن المقطوع به من السنّة الشريفة ، كحديث
الغدير المتواتر ، وكحديث الطير. أنّ أحبّ الخلق إلى الله تعالى أعظمهم ثواباً عند
الله تعالى ، وأن أعظم الناس ثواباً لا يكون إلاّ لأنّه أشرفهم أعمالاً ، وأكثرهم
عبادة لله تعالى ، وفي ذلك برهان على فضل علي عليهالسلام
على الخلق كلّهم سوى النبيّ صلىاللهعليهوآله.
وأمّا ما قلته في حقّ أبي بكر عن رسول
الله صلىاللهعليهوآله
أنّه قال بما معناه : لا يوجد أحد بعد الأنبياء خير من أبي بكر ، فهذا غير ثابت في
مصادرنا ، بل وغير ثابت عند أهل السنّة أيضاً.
وأمّا قولك : أنّ عليّاً عليهالسلام قد بايع أبا بكر
بعد مدّة ، فهذا أوّل الكلام ، حيث الثابت عند محقّقي الشيعة ـ كما نصَّ عليه
الشيخ المفيد قدسسره
ـ أنّه عليهالسلام
لم يبايع ساعة قط ، وقال في شرح ذلك :
( فممّا يدلّ على أنّه لم يبايع البتة ،
أنّه ليس يخلو تأخّره من أن يكون هدى ، وتركه ضلالاً ، أو يكون ضلالاً ، وتركه هدى
وصواباً ، أو يكون صواباً ، وتركه صواباً ، أو يكون خطأً ، وتركه خطأً ، فلو كان
التأخّر ضلالاً وباطلاً ، لكان أمير المؤمنين عليهالسلام
قد ضلّ بعد النبيّ صلىاللهعليهوآله
بترك الهدى الذي كان يجب المصير إليه ، وقد أجمعت الأُمّة على أنّ أمير المؤمنين عليهالسلام لم يقع منه ضلال
بعد النبيّ صلىاللهعليهوآله
، ولا في طول زمان أبي بكر ، وأيّام عمر وعثمان ، وصدراً من أيّامه حتّى خالفت
الخوارج عند التحكيم ، وفارقت الأُمّة ، وبطل أن يكون تأخّره عن بيعة أبي بكر
ضلالاً.
وإن كان تأخّره هدى وصواباً ، وتركه
خطأً وضلالاً ، فليس يجوز أن يعدل عن الصواب إلى الخطأ ، ولا عن الهدى إلى الضلال
، لاسيّما والإجماع واقع على أنّه لم يظهر منه ضلال في أيّام الثلاثة الذين
تقدّموا عليه ، ومحال أن يكون التأخّر خطأً ، وتركه خطأً للإجماع على بطلان ذلك
أيضاً ، ولما يوجبه القياس من فساد هذا المقال.
وليس يصحّ أن يكون صواباً ، وتركه
صواباً ، لأنّ الحقّ لا يكون في