بنائها ، حتّى أنّ
النبيّ صلىاللهعليهوآله
سطّح قبر إبراهيم ، فاللازم صرفه إلى أنّ المراد : لا تدع قبراً مشرّفاً قد اتخذوه
للعبادة إلاّ سوّيته وهدّمته.
ويدلّ على هذا المعنى الأخبار الكثيرة
الواردة في الصحيحين ـ البخاريّ ومسلم ـ من ذمّ اليهود والنصارى والحبشة ، حيث
كانوا يتّخذون على قبور صلحائهم تمثالاً لصاحب القبر ، فيعبدونه من دون الله تعالى.
أمّا المسلمون من عهد النبيّ صلىاللهعليهوآله إلى اليوم ، فليس
منهم من يعبد صاحب القبر ، وإنّما يعبدون الله وحده لا شريك له في تلك البقاع
الكريمة ، المتضمّنة لتلك الأجساد الشريفة.
وبكلّ فرض وتقدير ، فالحديث يتبرّأ أشدّ
البراءة من الدلالة على جواز هدم القبور ، فكيف بالوجوب. والأخبار التي ما عليها
غبار ناطقة بمشروعية بنائها وإشادتها ، وأنّها من تعظيم شعائر الله.
ولتتميم الفائدة ، ننقل ما قاله الشيخ
كاشف الغطاء في كتابه منهج الرشاد :
والأصل في بناء القباب وتعميرها ما رواه
البنانيّ ـ واعظ أهل الحجاز ـ عن جعفر بن محمّد ، عن أبيه ، عن جدّه الحسين ، عن
أبيه علي عليهالسلام
، أنّ رسول الله صلىاللهعليهوآله
قال له : ( لتقتلن في أرض العراق ، وتدفن بها ، فقلت : يا رسول الله ، ما لمن زار
قبورنا وعمّرها وتعاهدها؟ فقال لي : يا أبا الحسن ، إنّ الله جعل قبرك وقبر ولديك
بقاعاً من بقاع الجنّة ، وإنّ الله جعل قلوب نجباء من خلقه ، وصفوة من عباده تحنّ
إليكم ، ويعمّرون قبوركم ، ويكثرون زيارتها ، تقرّباً إلى الله تعالى ، ومودّة
منهم لرسوله ... ) [١].