والقرآن أيضاً هو الهادي : ( إِنَّ
هَذَا الْقُرْآنَ يِهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ )[٢].
والنبيّ الأكرم صلىاللهعليهوآله أيضاً هو الهادي ، ولكن
في ظلّ إرادة الله سبحانه : ( وَإِنَّكَ لَتَهْدِي
إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ )[٣].
فهداية الله تعالى تصل إلى الإنسان عن
طريق الأسباب والوسائل التي جعلها الله سبحانه طريقاً لها. وإلى هذا الأصل القويم
يشير الإمام الصادق عليهالسلام
في كلامه ، فيقول : ( أبى الله أن يجري
الأشياء إلاّ بأسباب ، فجعل لكلّ شيء سبباً ، وجعل لكلّ سبب شرحاً ... )[٤].
فعلى ضوء هذا الأساس ، فالعالم المعنوي
يكون على غرار العالم المادّي ، فللأسباب سيادة وتأثير بإذنه سبحانه ، وقد شاء
الله أن يكون لها دور في كلتي النشأتين ، فلا غرور لمن يطلب رضا الله أن يتمسّك
بالوسيلة ، قال الله سبحانه : ( يَا أَيُّهَا
الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللهَ وَابْتَغُواْ إِلَيهِ الْوَسِيلَةَ
وَجَاهِدُواْ فِي سَبِيلِهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ )[٥].
فالله سبحانه حثّنا للتقرّب إليه على التمسّك بالوسائل وابتغائها ، والآية دعوة
عامّة لا تختصّ بسبب دون سبب ، بل تأمر بالتمسّك بكلّ وسيلة توجب التقرّب إليه
سبحانه.
وعندئذ يجب علينا التتبّع في الكتاب
والسنّة ، حتّى نقف على الوسائل المقرّبة إليه سبحانه ، وهذا ممّا لا يعلم إلاّ من
جانب الوحي ، والتنصيص عليه في الشريعة ، ولولا ورود النصّ لكان تسمية شيء بأنّه
سبب للتقرّب بدعة في الدين ، لأنّه من قبيل إدخال ما ليس من الدين في الدين.