إلاّ أنّ غير واحد من علمائنا ـ منهم الشيخ البهائي طاب ثراه ـ صرّح بأنّ من الأمور الموجبة لعدّ الحديث من الصحيح عند قدمائنا ، وجوده في أصل معروف الانتساب الى أحد الجماعة الّذين أجمعوا على تصحيح ما يصح عنهم [٢] ، فتدبر.
لكن هذا الإجماع لم يثبت وجوب اتباعه ، كالذي بالمعنى المصطلح ، لكونه مجرد وفاق ، ولعل ما ذكرناه هو الداعي للسيد الأستاذ وموافقيه لحمل الكلام المزبور على خلاف معناه المعروف المشهور ، فتأمل.
فائدة
قولهم : صحيح الحديث ، عند القدماء هو : ما وثقوا بكونه من المعصوم 7 ، أعمّ من أن يكون الراوي ثقة أو لأمارات أخر يقطعون أو يظنون بها صدوره عنه 7[٣].
[١] فتشت رجال النجاشي بحثا عن هذا الإجماع فلم أجد له عينا ولا أثرا. [٢] مشرق الشمسين : ٢٦٩. [٣] قال الشيخ البهائي في مشرق الشمسين : ٢٦٩ ـ في أقسام الخبر وما يكون به صحيحا ـ : ... وهذا الاصطلاح لم يكن معروفا بين قدمائنا ـ قدس الله أرواحهم ـ كما هو ظاهر لمن مارس كلامهم ، بل كان المتعارف بينهم إطلاق الصحيح على كل حديث اعتضد بما يقتضي اعتمادهم عليه ، أو اقترن بما يوجب الوثوق به والركون إليه.
وقال الكاظمي في التكملة : ١ / ٥٠ : اعلم : أنّ الصحة في لسان القدماء يجعلونها صفة لمتن الحديث على خلاف اصطلاح المتأخرين حيث يجعلونها صفة للسند ، ويريدون به ما جمع شرائط العمل ، إما من كونه خبر ثقة ، كما هو في اصطلاح المتأخرين. الى آخره.
وقال المجلسي الأول في روضة المتقين : ١٤ / ١٠ : والظاهر من طريقة القدماء سيما أصحابنا أن مرادهم بالصحيح ما علم وروده من المعصوم.