الجواز توطئة
للاستحباب ، وحاصل الجواب أن الجواز معلوم من خارج ، والاستحباب أيضا معلوم من
القواعد الشرعية الدالة على استحباب الاحتياط في أمر الدين ، فلم يثبت شيء من
الأحكام بالحديث الضعيف بل أوقع الحديث الضعيف شبهة الاستحباب ، فصار الاحتياط أن
يعمل به ، واستحباب الاحتياط معلوم من قواعد الشرع ، انتهى.
واعترض عليه الشيخ البهائي قدسسره بأن خطر الحرمة في
هذا الفعل الذي تضمن الحديث الضعيف استحبابه حاصل كلما فعله المكلف لرجاء الثواب ،
لأنه لا يعتد به شرعا ولا يصير منشأ لاستحقاق الثواب إلا إذا فعله المكلف بقصد
القربة ، ولاحظ رجحان فعله شرعا ، فإن الأعمال بالنيات وفعله على هذا الوجه مردد
بين كونه سنة ورد الحديث في الجملة ، وبين كونه تشريعا وإدخالا لما ليس من الدين
فيه ، ولا ريب أن ترك السنة أولى من الوقوع في البدعة ، فليس الفعل المذكور دائرا
في وقت من الأوقات بين الإباحة والاستحباب ، بل هو دائما دائر بين الحرمة
والاستحباب فتاركه متيقن للسلامة وفاعله متعرض للندامة.
على أن قولنا بدورانه بين الحرمة
والاستحباب إنما هو على سبيل المماشاة وإرخاء العنان ، وإلا فالقول بالحرمة من غير
ترديد ليس عن السداد ببعيد ، والتأمل الصادق على ذلك شهيد ، هذا.
وقد تفصى بعض الفضلاء عن أصل الإشكال
بأن معنى قولهم يجوز العمل بالحديث الضعيف في فضائل الأعمال دون مسائل الحرام
والحلال ، أنه إذا ورد حديث صحيح أو حسن في استحباب عمل وورد حديث ضعيف في أن
ثوابه كذا وكذا ، جاز العمل بذلك الحديث الضعيف ، والحكم بترتب ذلك الثواب على ذلك
الفعل ، وليس هذا الحكم أحد الأحكام الخمسة التي لا تثبت بالأحاديث الضعيفة.
وبعضهم بأن معنى قولهم الأحكام لا تثبت
بالأحاديث الضعيفة أنها لا تستقل
نام کتاب : مرآة العقول نویسنده : العلامة المجلسي جلد : 8 صفحه : 119